هناك قصص منسية في تاريخنا الكويتي تريد من يبحث عنها ويقرأها للناس سواء بالإذاعة أو التلفزيون.. من أجل أن يعرف جيل الشباب كرم وشجاعة وعزة النفس.. التي كان يتصف بها رجالات الكويت من أجل أن يقتدوا بها ومن تلك القصص القصة التالية:
كان والده غنيا جدا من التجارة في الهند، أما هو فكان لا يحب العمل بالتجارة ولكنه كان أديبا وشاعرا ويحب الموسيقى، توفي والده بالهند بعد أن ترك ثروة ضخمة لولده لأنه هو الوريث الوحيد، ولأن بطل قصتنا يده «مفتوحة» وكريمة فقد كان يعطي بلا حدود وحساب لكل من جاء إلى بيته طالبا المساعدة وما أكثر أصحاب المصالح، وقد شعر بعد فترة بأن أمواله الضخمة قد أصبحت قليلة، فقرر أن يرجع إلى الكويت وسكن في بيت «صغير» وهذا ما تبقى له في هذه الدنيا، وفي يوم من الأيام علم بأن أولاد جاره «مرضى» فأعطى جاره ما تبقى من ماله لعلاجهم فمن الله عليهم بالشفاء وفرح لهم ولكنه أصبح «فقيرا» فاعتزل الناس ومثل ما يقول المثل: من ضاع ماله ضاع حظه.
وتمر السنون ويأتي «بدوي» من البادية يسأل عن بطل قصتنا وبعد بحث طويل استطاع أن يعثر عليه وعندما طرق الباب خرج له «شخص» كبير بالسن يبدو وكأن الأمراض قد تعايشت معه ولا يبدو وكأنه كان يوما ما «غنيا» فسأله أنت فلان؟ فقال نعم، فدخلا إلى البيت والذي «خلا» من كل شيء ما عدا من أشياء بسيطة فقال له: أبوك قد ترك عند أبي أغناما منذ فترة طويلة لكي يرعاها وقد بلغت الآن (300) رأس وقد أوصاني أبي قبل موته بأن أوصلها لك لأنك الوريث الوحيد وهي موجودة خارج المدينة وبعد أن انتهى من حديثه قال له: دخلت بيتي ولم يكن عندي ما أضيفك فيه وما عندي خادم يخدمك وانت جئت من مكان بعيد فاعلم أن تلك الأغنام هي لك جميعها وهي حق «الضيافة» ولأمانتك، فتوسل البدوي بأن يأخذ غنمه أو جزءا منها لكي يشتري شيئا له رأفة بحاله ولكنه رفض، وبعد فترة بسيطة توفي بطل قصتنا فقيرا ولكن «صيته» بالكرم باق كما إنه ترك لنا شعرا مازال يتردد إلى يومنا هذا ونال من الشهرة ما لم ينلها الأغنياء أو التجار.
تلك القصة قد قرأتها في كتاب حكايات من الكويت للمغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله النوري وبطل قصتنا هو الشاعر الكويتي الكبير عبدالله بن محمد الفرج، رحمه الله برحمته، تلك القصة وما فيها من العبر والقيم تجعلنا نفتخر بهؤلاء الرجال دائما.
[email protected]