ما كنت أتمنى أن تتحول احتفالاتنا بذكرى اليوم الوطني ويوم التحرير إلى احتفالات تعمها الفوضى حيث اتبع المحتفلون بهذه الذكرى سلوكيات مرفوضة تسيء إلى أعياد الوطن، وتفسد علينا فرحتنا وتحول هذه المناسبة الوطنية الغالية إلى حزن وألم، وتخرجها عن إطارها الذي خصصت من أجله، والهدف الوطني السامي منها، وتتحول من احتفالات وطنية تعزز الولاء والانتماء للوطن إلى فوضى وشغب يسبب الأضرار للآخرين، كما يتحول الفرح والابتهاج الى حزن وأسى لما يتعرض له البعض من إصابات جسدية نتيجة أفعال غير مسؤولة يمارسها بعض المستهترين من أبنائنا دون وجود رادع يحد من تصرفاتهم الرعناء، حيث يعبر البعض عن فرحته بعيد الوطن من خلال رش الرغوة على الآخرين واستخدام ألعاب نارية ووسائل تشكل خطورة على صحة مستخدميها أولا، وصحة غيرهم من المحتفلين ثانيا.
لقد اعتاد بعض الناس على التعبير عن مشاعرهم وفرحهم بهذه الذكرى بأساليب فيها إساءة للآخرين، وتحمل بين طياتها الفوضى واللامبالاة بمن حولهم، ضاربين بكل النظم والقوانين عرض الحائط، بحجة انهم يعبرون عن فرحتهم.
إن ما يجب علينا في هذه المناسابات الوطنية هو أن تأخذ الاحتفالات بها طابعا جديدا يضفي الكثير من المسؤولية والرقي بها، والتسامي عن فعل كل ما يسيء لأحد من المواطنين أو المقيمين على هذه الأرض الطيبة، والابتعاد عن أي خرق للقانون والنظام.
وقد عبر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في أحد خطاباته عن ذلك قائلا: «ليس العيد الوطني أو التحرير يوما لمظاهر الاحتفال والأضواء والبهجة بل هو قبل ذلك وبعده يوم للوقفة مع النفس وقياس درجة الالتزام ومدى ما قدم كل منا لأهله ووطنه وأمته وما يتحتم عليه ان يقدمه في مستقبله من عطاء يفتخر به وطنه».
وقال سموه في مناسبة أخرى مؤكدا أهمية الالتزام بالقوانين والأنظمة: «نحن نتطلع جميعا إلى وطن متقدم في جميع المجالات، يعيش فيه الفرد عيشة حرة كريمة، تحكمها الأنظمة والقوانين التي تكفل حياة الفرد، وتحفظ حقوقه وترشده إلى واجباته ومسؤولياته».
إن تلك القوانين والأنظمة ما وضعت إلا لتحقيق هذه الغاية، ولضمان حياة كريمة لكل فرد في المجتمع، واذا أهملت هذه القوانين فستصبح الحياة فوضى مفككة، وستنعدم الثقة لدى أفراد المجتمع، وسيفقد القانون هيبته وسلطته.
فهل يعقل ان يستقبل مركز البحر للعيون 1542 حالة خلال عطلة الأعياد الوطنية منهم 30% راجعوا المركز بسبب إصابتهم بحروق في العيون جراء رشهم بالرغوة.
ووفقالإحصائيات قدر عدد المصابين بالرغوة بـ 463 احتاجوا الى متابعة يومية لاستكمال علاجهم، كما ان السلوكيات السيئة التي جرت خلال الاحتفالات، تسببت كذلك في إصابة 143 شخصا حسب ما أعلنت إدارة الطوارئ الطبية في وزارة الصحة، جرى علاج 97 منهم في مواقع الاحتفالات بالأعياد الوطنية، فيما استدعت حالة الـ 46 الباقين نقلهم الى المستشفيات لتلقي العلاج، كما جرى تحرير 13821 مخالفة، وحجز 724 مركبة و68 دراجة نارية، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية.
فلا ندري لماذا تحولت الاحتفالات بالأعياد الوطنية الى مناسبة للألم وتجاوز القانون بسبب فئة تريد ان تكون فوق القانون دائما؟
إن ما يجدر بنا هو ان نعزز في نفوس أبنائنا تاريخ الكويت المجيد، وما قدمه الآباء والأجداد للحفاظ على الكويت لتبقى واحة أمن وأمان، ويعيش أبناؤها حياة آمنة، متكاتفين متلاحمين، واضعين مصلحة الكويت فوق أي اعتبار، وكم كنت أتمنى ان تعود إلى هذه الاحتفالات بهجتها من خلال الأوبريتات الوطنية الهادفة التي كان يتغنى بها الفنان شادي الخليج وغنام الديكان والشاعر عبدالله العتيبي وسناء الخراز وغيرهم، وتنظيم المهرجانات والبرامج والأنشطة التي تتناسب مع هذه الاحتفالات الوطنية.
[email protected]