لم تحترق لبنان وتدخل في حرب اهلية دامت 17 عاما الا بعد ان ضربت هيبة الدولة ومنع الجيش وقوى الأمن من النزول الى الشارع لفرض الأمن، كما لم يبدأ القتل والتدمير في العراق الا بعد ان حل الجيش وضاعت هيبة الدولة، فهل هذا المطلوب عمله في الكويت كي تسيل الدماء انهارا؟!
ومن يحاول ترويج مبادئ التأجيج وبث الفوضى في البلاد هذه الايام سبق له الاضرار بالبلاد والعباد تحت دعاوى جميلة مدغدغة واحلام ليلية وردية تنتهي بنا بكوابيس نهارية مرعبة، فتجمعات الدواوين التي يراد لنا العودة السريعة لها لم تأت لنا بالديموقراطية آنذاك بل جلبت لنا جيش صدام، فهل هذا هو مطلب ومراد الشعب الكويتي؟!
وسافرت قبل مدة في جولة اعلامية استخدمت خلالها شركة الطيران المصرية للقاهرة ثم اللبنانية لبيروت والاردنية لعمان والكويت وفي جميع تلك الشركات الحكومية المدرجة على قائمة الخصخصة وجدت احدث انواع الطائرات واكثرها امنا وافضلها خدمة، فلم يقم احد لديهم بمثل ما قامت به جماعتنا من الغاء صفقة تحديث الطائرات بحجة الخصخصة المتباكى عليها متناسين ان الطائرات تشترى بالاقساط التي تدفع من مداخيلها وارباحها ومن سيشتري الشركة في حال خصخصتها سيتحمل تلك الاقساط فهل يريد من دمر «الكويتية» وجعلها أثرا بعد عين ان يدمر الكويت كذلك باجتهاداته الخاطئة؟!
وفي القاهرة دعاني الاصدقاء لجلسة جميلة في احدى فلل «مدينة الورود» بمحافظة 6 اكتوبر، وفي مقابلها قارب اكبر مول في الشرق الاوسط والمسمى بـ «ارابيا مول» على الانتهاء وفي ارجاء مصر آلاف المشاريع المماثلة التي قامت على معطى تسهيل الدولة حصول الشركات العقارية والمطورين على الاراضي العامة عبر انظمة عدة منها الـ «b.o.t» في وقت تم فيه قتل مشاريعنا الخاصة وخنق مشاريع السكن الاهلية بسبب قوانين اصدرها نفس التوجه السياسي، فهل نصدق اجتهادهم الخاطئ الآخر الذي قتل التنمية في بلدنا ام نصدق ما تراه اعيننا في البلدان الاخرى من جنات خلقتها المليارات الكويتية التي هاجرت إليهم بسبب التشريعات القاتلة التي صدرت؟!
وضمن متابعتنا السياسية للديموقراطيات الاخرى التي دفعت بلدانهم الى التوجه سريعا للأمام في وقت تسببت تجربتنا الديموقراطية في التحرك سريعا الى الخلف وجدت فروق عدة تسبب فيها بعض اخطاء مجتهدينا، منها: 1 - تعديلهم وتطويرهم الدائم لدساتيرهم، 2 - وجود لجان قيم تحاسب وتعاقب النواب ولا تجعلهم فوق المحاسبة، 3 - استجواباتهم تتم في دقائق على القضية وتصيب المخطئين من المسؤولين بينما تصيب استجواباتنا التي تقوم على الهوية المصلحين منهم، 4 - استجواباتهم هادئة لا يعلم بها احد واستجواباتنا اقرب لعروض سيرك في يوم عيد، فهل عقلاء الديموقراطيات الاخرى على خطأ، رغم الانجاز، واجتهادات حكماء ديموقراطيتنا على صواب رغم الاخفاق؟!
آخر محطة:
واضح من الامثلة السابقة أنه ليس كل مجتهد مصيبا، واننا بحاجة للتواضع قليلا والاعتراف بالخطأ، فليس من العدل ان نحرق وطننا ونحيل امننا الى خوف ليثبت لنا مرة اخرى خطأ مسارنا هذه الايام.
[email protected]