سامي النصف
قارئنا الكريم، أنت بالطبع شخص محترم تحرص على سمعتك ومكانتك بين الناس، فماذا يحدث لو كنت تسير في طريق فرعي لا أحد فيه وتعرض لك أحد الأطفال الأشقياء أو السفهاء أو الحقراء من البشر بالسباب والتهم الخارجة المسيئة، ثم انتهى ذلك الطريق الفرعي بطريق رئيسي يرتاده الكبار ومختلف أصناف البشر؟
أنت هنا أمام خيارين، كونك تعرف نفسك ومكانتك الراقية في النفوس وتعرف في الوقت ذاته مكانة ذلك الحقير أو السفيه أو المشبوه الذي يهدف من فعلته المتعمدة الى أن يشوّه سمعتك وينشر الإساءات التي اتهمك بها أمام أكبر عدد من الخلق ومن ثم يعطي لنفسه الشهرة والمكانة التي لا يستحقها بل لربما يستفيد ماليا من الفضوليين والرامين للمساس بمكانتك السامية.
الخيار الأول كما نراه هو أن تتعامل بذكاء وحكمة مع ذلك الفعل، وأعتقد شخصيا - وقد أكون بالطبع مخطئا - أن الحصافة تقتضي ألا توصله لمأربه ومراده وأن تعمد لإفشال مخططه عبر التجاهل التام له حتى تبقى إساءته محصورة في أضيق مساحة، أي السكة التي وقع بها الحدث ولا يعلم بها أحد، ومن ثم يتوقف آخرون في قلوبهم غل عن تكرار ذلك المسعى.
الخيار الثاني المتاح هو أن تبدأ بنشر تلك الإساءات على أكبر عدد ممكن من البشر بقصد إقناعهم بمعاقبة المسيء (الذي قد يرون أنه كان يمارس حريته حسب شرائعهم) ومن ثم تشيع فاحشة قوله وفعله بين الجموع دون ضرر عليه بل قد يصبح ليس فقط من المشاهير بل من الأثرياء كحال سلمان رشدي الذي لم تضره فتوى سفك دمه بل أصبح أكثر الكتاب شهرة وثراء في الغرب، وهل هناك من لا يعرف سلمان رشدي هذه الأيام؟!
وقد زاد الطين بلّة أن ردود أفعالنا - غير الذكية - انحصرت في كثير من الأحيان إما بالحرق والتدمير والقتل في أوطاننا عبر المظاهرات التي تمت أو التهديد بالاغتيال في أوطان الآخرين، ما أساء لسمعة الإسلام، كما أدى لتعرض المسلمين هناك لقطع أرزاقهم وتأكيد مقولة ان التطرف والإرهاب هما «القاعدة» لدى المسلمين وليسا الاستثناء.
وما قوى قناعاتي الشخصية بصحة اختيار طريق التجاهل هو تبني شخصيات منحرفة ومتطرفة كالظواهري وعطوان ومصطفى بكري ومحمد المسفر لخيار التأجيج والتشدد، فهل يعتقد شخص عاقل للحظة أن تلك الأسماء تهدف قط الى الخير والرفعة لصالح الأمة؟!
آخر محطة:
لا أفهم أن ينتقد أحد الكتّاب الأفاضل (خالد السلطان في الوطن) مجلس التأبين ويثني في المقال نفسه على المقبور أسعد التميمي الذي أيد صدام في احتلاله للكويت وكان «القابض» الأول لنشر أفكار الثورة الإيرانية بين الفلسطينيين في الثمانينيات، وهي الفترة التي استشهد بها الكاتب في ثنائه على أسعد التميمي.