سامي النصف
أول معالم الحكمة القبرصية هو اختيارهم لرجل الأعمال البارز والحكيم فهد المعجل قنصلا لهم في الكويت وقد استمعت اكثر من مرة لدعوات الصديق ابوفيصل للكويتيين لزيارة قبرص وهو ما قمت به مؤخرا، وقد سرني كثيرا ما شاهدت، حيث انتقلت تلك الجزيرة الجارة والصديقة للعرب من مستوى دول العالم الثالث الى مستوى دول العالم الاول بجدارة واستحقاق.
ثاني معالم الحكمة القبرصية انهم بعد ان كافحوا وحاربوا المستعمرين الانجليز واخرجوهم من ارضهم لم يعادوهم كحال انظمتنا الثورية، بل حسّنوا ووطدوا علاقتهم بهم حتى ان «الصنداي تايمز» اختارت قبرص كأفضل محطة لتقاعد البريطانيين وقد لاحظت تواجدهم المكثف، مما أبقى مصايف قبرص مفتوحة طوال العام بعكس مصايفنا العربية التي تهجر بعد موسم سياحي قصير لا يزيد على 3 اشهر (جبال لبنان وشمال مصر وسواحل تونس).
وفي عام 75 كانت لبنان وبحق سويسرا الشرق وتحوي ارقى الفنادق والبنوك العالمية في المنطقة ولم يكن احد يعرف او يسمع بجزيرة صغيرة اسمها قبرص، لذا كان دخل اللبناني آنذاك يعادل ضعفي دخل القبرصي (دخل القبرصي الآن 10 أضعاف دخل اللبناني) وقد زرت قبرص في حينها ولم يكن بها فندق واحد ذو 5 نجوم.
اشتعلت الحرب الطائفية في قبرص عام 74، الا ان حكمتهم جعلتهم يوقفون تلك الحرب بعد 3 اشهر فقط ويحقنون دماءهم ويوفرون مواردهم المالية ويتفرغون لتعمير - لا تدمير - بلدهم، ويعتزم القبارصة هذه الايام اعادة توحيد الجزيرة بعد ان اظهرت المفوضية الأوروبية ان ذلك الأمر سيزيد الدخل بنسبة تقارب 30%. وللمعلومة الحرب الأهلية ضد الشمال العراقي استمرت 80 عاما ولم تقف الا بعد سقوط صنم صدام، والحرب ضد الجنوب السوداني جاوزت 50 عاما، بينما بقيت الحرب الأهلية اللبنانية مشتعلة دون انقطاع لـ 16 عاما اي 4 اضعاف زمن الحرب الاهلية الاميركية، عفارم!
ولا يختلف انجاز «القبرصية» المملوكة للحكومة عن انجاز «قبرص»، فقد تسلم قيادتها قبل عام الحكيم كيكيس ليزارديس واستطاع بجهده وذكائه وابداعه ان يوحد الجهود خلفه ويحول خسارتها المتراكمة والبالغة 200 مليون يورو قبل مجيئه الى الربح ومن ثم الاستغناء عن دعم الدولة للشركة، وقد تجاوزت عائدات الشركة هذا العام 288 مليون يورو، وقد وجه عبر مجلة «السايربس ويكلي» نصائح ابوية للنقابات بأن مجرد التهديد بالاضراب يعني انصراف الركاب عنهم ويخسر الشركة «اطنانا من الاموال» حسب قوله، مما سيعني في النهاية تدمير الشركة الذي لن يستفيد منه احد، وقد اعلن ضمن اللقاء انه سيتقدم باستقالته لرئيس الحكومة الجديد كريستوفياس كي يعطيه الفرصة ليقرر بقاءه من عدمه.
آخر محطة:
بعض الوكالات التي تقوم بعمل الڤيزا الاوروبية تطالب الاسر الكويتية بدفع مئات الدنانير ثمنا للتأمين الصحي الذي يمكن ان يستغني عنه من لديه بطاقة ڤيزا او ماستركارد ذهبية، كذلك مازالت دول مثل كرواتيا لا تملك الا سفارة واحدة في القاهرة لتغطي المنطقة وتتعرض للضغط الشديد من الكويتيين والخليجيين، مما يجعل الڤيزا تحتاج لعدة اسابيع لإتمامها في وقت لا يحتاج رعايا كثير من الدول كإيران وغيرها لمثل تلك الڤيزا، بودنا من الأعزاء بوزارة الخارجية بالتعاون مع الصندوق الكويتي العمل على الغاء او تسهيل حصول الكويتيين على الڤيزا عبر الإنترنت او في المطار، إن أمكن!