سامي النصف
التقيت قبل مدة أحد اعضاء الوفد الذي ارسل لتقييم الجامعات التي تمنح الشهادات للكويتيين ومما قاله انهم زاروا «شقة» في احدى مدن الهند تمنح الكويتيين شهادات في الطب والهندسة(!) وغيرهما، وعندما اشتكينا ـ حسب قوله ـ للمسؤولين الهنود اجابونا بحكمتهم الهندية المعهودة: ان تلك الشقق والدكاكين ليست مشكلتنا بل مشكلتكم حيث ان دوائرنا الحكومية وشركاتنا الخاصة بل وحتى شركات العالم لا توظف قط خريجي مثل تلك الاماكن، لذا لا تجدون بها الا طلبة كويتيين.. كفو!
ان حيازة الشهادات العليا (المضروبة) فيها تدمير لمصالح الكويت العليا عن طريقين اولهما انها تستنزف المال العام دون فائدة مضافة او زيادة في انتاج الموظف الذي يبقى على اهماله وخداعه وكسله، بينما يزداد دخله مكافأة له على حصوله على تلك الشهادات المزيفة التي لا تعترف بها الدول المصدرة لها، والواجب ان تعلن وزارة التربية قائمة بالمدارس والكليات والجامعات التي تقبل شهادتها وتسمح بحمل ألقابها العلمية واستخدامها كوسيلة للترقي، ودون ذلك ستستمر لعبة القط والفار الى الابد فمع اغلاق دكاكين جامعات الهند والفلبين ستفتح دكاكين اخرى في تومباكتو وبوركينا فاسو.
الضرر الاكبر من تلك الشهادات العليا المزورة والتي يتم الحصول عليها اما بالمال السخي او عبر تبوؤ المتقدم لها بعض المراكز التنفيعية يكمن في تسلم اصحابها المناصب والملفات الهامة التي يتم من خلالها تقرير مستقبل البلد ومصير ابنائه وأحد اسرار الاخفاقات الكويتية المتكررة ونجاح الآخرين هو عدم تصديقهم لتلك الزخارف العلمية الكاذبة وايماننا الشديد بها.
ومن ينظر لقائمة «المنجزين» في الكويت من كويتيين وعرب وغيرهم لا يجد بينهم حاملا واحدا لمثل تلك الشهادات العليا المغشوشة والخادعة، ففي مجالنا الاعلامي لا يحمل عميد الصحافة الكويتية الزميل احمد الجار الله تلك الشهادة وهو القادر على الحصول على العشرات منها، ومثل ذلك ابرز كتابنا ومحررينا ومؤرخينا امثال العم سيف مرزوق الشملان اطال الله في عمره وابقاه خازنا امينا لتاريخنا.
وفي مجال الانجاز الاقتصادي نجد اسماء مثل عبدالعزيز الصقر وخالد المرزوق ومحمد البحر والخرافي والشايع وبهبهاني والساير ومعرفي والبابطين وابراهيم دبدوب وفيصل العيار وأسعد البنوان وجميل السلطان وفيصل المطوع وغيرهم، ومثل ذلك ابرز مبرزينا في المجالات النفطية والسياسية والثقافية والفنية والادبية حيث لا نلحظ تكالب الفضائيات والصحف العربية والدولية على اصحاب الزخارف العلمية دون محتوى بل نجد التركيز الشديد على الاستماع لآراء اصحاب الفكر والعقل والكفاءة والثقافة والانجاز كل في مجال تخصصه، دون البحث عن المسميات الفارغة لاصحاب العقول الفاضية.
آخر محطة:
1- معروف ان اكبر اثرياء العالم مثل بيل غيتس ووارن بافت والخرافي والراجحي لا يحمل احد منهم الشهادات العليا المضروبة، وقد انتهيت للتو من قراءة احد الكتب الاكثر مبيعا وهو «let's do it» للثري الشهير والمنجز الكبير ريتشارد برونسون. يقول ضمنه انه ترك الدراسة وعمره 16 سنة لينشئ مشاريع «فيرجن» الشهيرة للطيران والتسجيلات، وقد اختار ذلك المسمى للدلالة على عذريته في مجال الاعمال.
2- غني عن القول ان الامر لا يقصد منه على الاطلاق حملة الدكتوراه الحقيقية ممن حصلوا عليها بجدهم وجهدهم وعرقهم ويظهر فكرهم وعملهم وانجازهم انهم يستحقون تلك الشهادات، بل.. وما هو اكبر منها.