كل عام وأنتم بخير بحلول شهر رمضان المبارك، اعاده الله على الجميع باليمن والبركات، شاهدت قبل ليال دكتورا وشيخا أزهريا فاضلا يقول كلاما يتوجب التوقف عنده يمسّ كثيرا من الأسئلة المعتادة التي تتطلب الافتاءات من شيوخ الدين حول مفطرات الشهر الفضيل، مما قاله الشيخ ان المفطرات التي اتت نصا بالشريعة هي ثلاث: الأكل والشرب والجماع وعدا ذلك من حقن وقطرات انف وغيرها هي اجتهادات خالصة للعلماء، فالبعض يعتبرها غذاء فيجعلها تفطر، والبعض الآخر يرى انها دواء لا غذاء فلا يجعلها تفطر، لذا فلا ضير من الأخذ بالاجتهاد الأول ولا ضير من الأخذ بالاجتهاد الثاني، وان عجبه هو من يصر من المشايخ على ان يجعل اجتهاده الشخصي وكأنه وحي انزل اليه بدلا من ان يذكر للسائل ان ما يقوله هو اجتهاد شخص قد يخطئ ويصيب وان هناك اجتهادات اخرى بالموضوع!
> > >
شخصيا، لا ادخن بل وأكره رائحة التدخين وأعلم بمضاره الكثيرة حاله حال أمور كثيرة يقوم بها الانسان مثل عدم الحركة وزيادة الوزن واكل الدهون والسكريات.. الخ.
ما أسأل عنه هو من يجعل التدخين يفطر رغم مخالفة علماء كبار مثل المرحوم المجدد آية الله محمد حسين فضل الله لذلك الاجتهاد، فالتدخين عبارة عن استنشاق دخان ورق نبات مجفف هو التبغ، وكان المسلمون يطبخون فطورهم في رمضان مستخدمين سعف النخيل المجفف ولم يؤمروا بعدم استنشاق الدخان كونه من المفطرات رغم ان ضرره لا يقل عن استنشاق دخان التبغ على الرئة والجهاز التنفسي، مرة اخرى واضح ان القول بأن الدخان يفطر أو بالعكس من ذلك هو اجتهادات للعلماء وليس نصوصا منزلة.
> > >
ومن الأمور كثيرة السؤال عنها في رمضان من يقوم قبل دقيقة أو دقيقتين من موعد أذان المغرب بالإفطار ساهيا أو ناسيا وبالعادة يطلب منه اعادة اليوم فيضيع عليه صيام ما يقارب 17 ساعة صيفا، والحقيقة ان موعد الافطار هو «تقريبي بالمطلق» ولم يأت بدقة الساعة السويسرية التي نستخدمها هذه الأيام ومرتبط برؤية الفرق بين الخيطين الأبيض والأسود، وهي قضية تتباين بين شخص وآخر حسب حدة البصر ويمكن لدقيقة او دقيقتين قبل الأذان او بعد الامساك ان يكونوا ضمن المنطقة الرمادية تلك التي لا تضيع يوم الصائم.
> > >
وطلب الدقة الشديدة في مواعيد الإفطار كاد يخلق قبل سنوات قليلة مشكلة كبرى حيث افتى بعضهم بأن سكان الجبال الذين اعتادوا ان يفطروا على أذان الاذاعة والتلفزيون الرسمي يجب عليهم ان يعيدوا صيام سنوات طوال كونهم افطروا حسب الفتوى بدقيقة أو دقيقتين قبل الموعد الصحيح والدقيق للإفطار حيث كان عليهم ان يتخلفوا بدقائق عن الأذان الرسمي بسبب قضية الارتفاع وتأخر غياب الشمس عنهم، ولو اخذ بهذا الافتاء الذي فاته ان موعد الافطار تقريبي وليس دقيقا بالدقيقة والثانية لوجب وضع موعد صلاة وافطار وامساك مختلف لكل ساكن على الارتفاعات المختلفة لسفح الجبل ومثل ذلك تواقيت مختلفة لكل طابق من طوابق العمارات المرتفعة وهو أمر مستحيل، ان الدين يسر قام البعض بتحويله الى عسر ولا حول ولا قوة إلا بالله!
> > >
آخر محطة: 1- الافتاءات الطبية من قبل بعض الشيوخ مشكلة اخرى، فما ان يسأل مريض وخاصة من مرضى الأمراض المزمنة الخطيرة عن امكانية الصيام حتى يأمره الشيخ بالصيام وهو غير مختص وغير مطلع حتى على التحليلات الطبية اللازمة.
2- لا يخلو بيت من وسيلة للوصول الى محرك البحث «غوغل» لمشاهدة الآراء المختلفة من علماء مختلفين حول قضية ما، وهو لربما أفضل من جواب مستعجل على الهواء دون تحضير مسبق من قبل شيخ قد يخطئ أو يصيب.
[email protected]
salnesf@