سامي عبداللطيف النصف
الإفتاء امر عظيم يجب الابتعاد به عن المطامع الدنيوية والخلافات السياسية، ولا نفهم في هذا السياق كيف جاز لأحد النواب الأفاضل ان يسأل عن حجاب النائبات وهو العالم بالدرجة الأولى بأن كثيرات ممن صوتن في دائرته وله (بشهادة صور الصحافة) لم يَكنّ ملتزمات بالضوابط الشرعية كما ينص القانون ومن ثم عدم صحة عضويته وعضوية الرجال الآخرين ـ قبل النساء ـ في المجلس مما يفرض عليه تقديم استقالته ليتطابق الفعل مع الواجب الشرعي.
وإذا ما علمنا بأن هناك فتاوى مثبتة من كبار العلماء تكفر الديموقراطية وتحرم المشاركة في مجالسها التشريعية فواجب من يحث على الالتزام بالفتاوى ان يقدم استقالته من مجلس الأمة، ومعروف ان الشرع يحرم كذلك العصبيات العرقية والفئوية وواجب من يريد حقا الالتزام بالجانب الشرعي ان يقدم استقالته من المجلس مادام وصل اليه عن طريق عصبية الدم غير الشرعية الممثلة بالفرعيات.
وإذا كانت الكويت دولة مدنية تعتبر الشريعة فيها «أحد» مصادر التشريع فإن الدول التي تعتبر الشريعة فيها المصدر «الوحيد» للتشريع كالجارتين إيران والسعودية لم تلتزم بآراء بعض العلماء الأجلاء وفتاواهم تحقيقا لمصلحة دولهم ومواطنيهم مما حقق في نهاية الأمر مصلحة المسلمين وأعطى صورة عصرية ناصعة للإسلام.
فقد حرّم بعض علماء ايران والسعودية في الماضي الدخان أو التنباك ومع ذلك تباع السجائر هذه الأيام في البلدين، كما حرم قبل ذلك شرب القهوة وبعدها شرب الشاي وحرم حلق اللحى على الرجال وتطويل ثيابهم لما تحت الكعب فهل سيتم اسقاط عضوية النواب غير الملتحين ومن يلبسون الدشاديش الطويلة؟! وهل سيتم اسقاط عضوية النائبة المحجبة التي تقوم «بالنمص» أي نتف الحاجب المحرم شرعا؟!
ومما أفتي بتحريمه ولم يتم الالتزام به طباعة الحروف العربية (حكم بالإعدام على من يقوم به) في عهد سليم الأول وتعلم اللغة الأجنبية والتصوير وركوب الدراجة واستخدام التلغراف والاستماع للراديو والقول بدوران الأرض وقتل النملة والتورق وفوائد البنوك ومسلسلات وفوانيس رمضان ولعب كرة القدم والاحتفال بالعيد الوطني وشم النسيم وتقديم الورد وأكل الملوخية وحشو الكوسة وسماع الأغاني والموسيقى ومشاهدة التلفزيون ولعب الشطرنج والدامة والتصفيق (التشبه بالكفار) والوشم وتطويل الأظافر والأهزوجة الشعبية المعروفة «طاق طاقية ورن يا جرس» كون الطاقية ترمز لليهود والجرس لأجراس الكنائس.
وقد أفتى علماء أجلاء قبل أعوام قليلة بحرمة «الدش» ومشاهدة الفضائيات ومثلها حرمة استخدام الانترنت، ثم لحظنا بعدها ان من أفتى بذلك اصبح يقدم البرامج على الفضائيات وينشئ مواقع باسمه على الانترنت! ان الاستعجال بالافتاء وادخاله في الحروب السياسية والمجتمعية يضر بأكثر مما ينفع والواجب اجتنابه وإغلاظ القول لمن يحاول استخدامه لخدمة مصالحه الذاتية او لسفك الدماء كما حدث مرارا وتكرارا في الماضي.
آخر محطة:
الفتاوى الشرعية تحرم ـ للعلم ـ السرقات والرشاوى والكذب والنفاق واثارة الفتنة وغيرها من موبقات ولا تعطي لأحد حصانة او تجعله فوق المساءلة فهل ستطبق تلك الفتاوى ويتم اسقاط عضوية من يقوم بتلك الأمور الشائنة من النواب؟! لا اعتقد!