بيان التحالف الوطني الصادر اول من امس يستحق الاشادة واعادة القراءة، فهو بحق البيان السياسي الوحيد الذي حمل الصدق في عباراته دون تكلف ودون مكابرة او مزايدة، فلا هو بالبيان العسكري ولا هو بالتصريح العنتري كعادة بعض القوى السياسية حين يتخبطها مس من الشيطان وترتفع عندها حمى البيانات التي يغلب عليها الهذيان دون بيان، جاءت رسالة التحالف الوطني واضحة لتضع النقاط فوق البساط، فقالت بما معناه للكتل والشخصيات السياسية «استريحوا وبلاش ربربة، فالمسألة ليست مسألة تنظير ولف ودوران، فالداء والدواء واساس البلاء هو في اعادة ترتيب بيت الحكم الذي طغت عليه في السنوات الاخيرة طموحات بعضها مشروع والآخر لا يملك اي شرعية»، ومن اجمل ما قيل صدقا في البيان تلك العبارة الموجهة لابناء الاسرة الحاكمة «لقد اصبح التنافس على كسب موطئ قدم في الصفوف الامامية للاسرة بلا ضوابط وبلا مرجعيات مما خلق حالة من التنافس العلني بينهم على حساب وحدتهم وعلى حساب تحقيق الطموحات الاصلاحية والتنموية واصبح شغلهم الاول على حساب مستقبل البلد».
نعم، هذا الكلام يعرفه الصغير قبل الكبير في الكويت، واقصد به صراع الظهور والقفز الى الامام، حتى وان كان على حساب هيبة الاسرة وكرامة ابناء العمومة، فما جدوى الطموح الذي يقوض نفوذ اسرتي ويجرح كرامتها؟! الا يتعظ هؤلاء مما يجري حولهم؟! انظمة وعروش بدأت تتساقط كأوراق الخريف واخرى تتهاوى، فالامر اكبر من كرسي وزارة او حظوة رئاسة.
الا يدرك هؤلاء ان سقف المطالبات الشعبية بدأ في الاتساع؟ فكلما اتسعت المطالبة ضاق الخيار، وكلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة، فالحديث عن حكومة شعبية ورئيس وزراء شعبي انتقل من دائرة الهمس الى فضاء الجهر، فبدأ يأخذ شكلا من اشكال المطالبة الجادة التي سرعان ما ستصبح ضرورة ملحة تتحول مع الايام الى حقيقة ماثلة ويتحول البلد الى احزاب سياسية تتصارع على الحكم.
هذا النوع من المطالبات الشعبية حق مشروع ولا يوجد ما يمنعه دستوريا، لكن اذا تم ذلك فما مساحة طموح ابناء الاسرة في ذلك الوقت؟!
هل عليهم الانخراط في صفوف الحزب الحاكم وتقديم فروض الولاء والطاعة لرئيسه لكي يحققوا مطامحهم؟ هذا السيناريو لا يبدو غريبا وان بدا كذلك فكل المؤشرات تشي بذلك، ومما يساهم في تعجيله هو صراع ابناء الاسرة فيما بينهم حتى اصبح ذلك الصراع حديث المجتمع الكويتي واخذ البعض يصنف الآخر، هذا من ربع الشيخ فلان وذاك من ربع الشيخ فلان.
ولكل جناح نوابه وكتابه وأعلامه، وهذا التنافس في غير صالح الاجنحة المتنافسة، لأنه يفسح المجال امام بروز فكرة رئيس وزراء شعبي وحكومة شعبية ورواجها في الشارع السياسي، وهو ما لا اعتقد انه يوافق هوى المتنافسين.
صحيح ان المزاج الشعبي في الوقت الحالي لا يميل الى فكرة رئيس حكومة شعبي ولا الى حكومة شعبية بالكامل، فهو يخشى الغريب الآتي ولا يثق الا بأبناء الاسرة الحاكمة، فندعو الله ان يهدي سرهم ويتركوا الامر للكبار لأنهم بالفعل كبار في كل شيء.
[email protected]