للمعارضة بريق، لكن ليس كل ما يلمع ذهبا، فالشيطان أول المعارضين في الكون، فليس كل معارض صادقاً، وبالطبع ليس كل معارض كاذباً، فالمعارضون والمنجمون إخوة، فكذب المعارضون وإن صدقوا.
في الكويت أصبحت المعارضة حرفة من لا حرفة له والمعارض ليس بالضرورة من يعارض الحكومة فقط، بل هناك أنواع وأنماط للمعارضين كشخصية أبو متيح مدور الطلايب الأسطورية، فهو لا يهدأ ولا يستكين، في حالة دوران مستمرة عكس عقارب الساعة، هذه الشخصية تجدها في العمل وفي الديوانية وفي مجلس الأمة وفي الصحافة، فهناك ميل شديد لتقمص دور السيد أبو متيح.
والسبب في ذلك يعود لما توفره المعارضة أياً كان نوعها من شهرة وذيوع الصيت لسهولة ممارستها وانعدام خطورتها، والحكومة هي الجهة الوحيدة التي يأمن المعارض جانبها، فإن كنت تبحث عن دور بطولي فعليك أولا بالحكومة اجثم فوق صدرها وانهل عليها باللكمات واذهب لبيتك ونم قرير العين وتأكد تماما أنها لن تشكوك ولن تثأر منك ولن تقتفي أثرك وإن شكتك لأي سبب فسرعان ما تتنازل بداعي تأليف القلوب، نسيت أن أقول لك شيئا عليك بالعقلاء من الشخصيات العامة، فتجريحهم واجب تستدعيه البطولة فلا تختر منهم إلا الشهير القدير السيد في قومه، صب عليهم جام بذاءاتك، فهؤلاء قوم لن يصيبك منهم أذى لأنهم أكبر من أن يردوا عليك أو ينتقموا منك فهذا يوفر لك الكثير من البريق في عيون السذج والتبع الذين يعيشون حالة انبهار دائم بتصرفات الحمقى أمثالك، فعليك بعد ذلك مواصلة التجوال على الدواوين والمشاركة في ندوات الهلوسة التي أصبحت كجلسات الزار وحفلات الطقاقات في كل شارع وسكة، واذكر لهم جوانب قسوتك وبطشك التي تمارسها ضد الحكومة وأتباعها وتنكيلك بالشخصيات العامة دون أن يرف لك جفن أو يرتج لك بطن، وتأكد تماما أنك حينئذ ستحظى بالأتباع والمريدين وسوف تتهافت عليك الحسناوات لتقول لك «أحبك يا معارض، يا وحش، يا مخرع الحكومة».
لكن انتبه فإنك عندما تعلن عن طموحك السياسي أياً كان مشروعك فسوف يفتك بك أقرب الأقربين ممن كنت تدافع عنهم وتبجلهم مثلما حرق رموز المنبر الديموقراطي وغيره من الكتل السياسية أعوانه وأنصاره لأنهم تجرأوا وأعلنوا رغبتهم في ممارسة مشاريعهم السياسية الخاصة، فأنت معارض جميل ورائع متى ما كنت ذنباً من اذنابهم تأتمر بأمرهم أما إن خرجت عن الطاعة فمصيرك الطرد والنفي وتشويه السمعة.
في المقابل، هناك قلة ناضجة هم ممن يعون ويستوعبون كيفية المعارضة، هؤلاء يدركون تماما أن المعارضة هي أخلاق وقيم وأدب، لا يعارضون كما يعارض أبو متيح ورفاقه فلقد حباهم الله حسن الخلق وجوامع الكلم يقدمون المصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة لأنهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
[email protected]