بعد أيام وتحديدا يوم الثلاثاء المقبل ستنطلق فعاليات برنامج «عليهم عليهم معاهم معاهم وتكفي طلبناك»، حيث سيبدأ موسم الاحتباس النيابي ـ الحكومي، والله يستر من ثقب الأوزون السياسي، فالموسم سيشهد أحداثاً سياسية ساخنة ومشاهد حساسة لا رقيب عليها ولا حسيب، والجمهور الكويتي بطبعه يحب الإثارة وأفضل الأمور إليه أسخنها جلدا وأضخمها عجزا وأنحفها خصرا، ثلاثة استجوابات تم الإعلان عنها تتمتع بتلك الصفات، فالاستجواب الأول مقدم من كتلة العمل الوطني ضد نائب رئيس الوزراء الشيخ أحمد الفهد والاستجواب الثاني مقدم من كتلة العمل الشعبي ضد سمو رئيس الوزراء والثالث من النائبين يوسف الزلزلة ومبارك الصيفي ضد وزير الصحة، فالاستجواب الأول والثاني استجواب كتل مش لعب نواب مستقلين يدورون الفزعة هنا وهناك، فالنائب المتكتل إذا دعا للاستجواب تداعت له سائر الكتلة بالسهر والحمى.
وأهم ما يميز استجواب كتلة العمل الوطني انه استجواب معتق ومخلل طال عليه الزمان وهو في البرطمان ومضى على التلويح به سنتان أو أكثر، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فهاهو يبصر النور يوم الثلاثاء المقبل على يد صالح الملا، ولهذا الاستجواب مكانة خاصة في نفوس أعضاء كتلة العمل الوطني فقد اعتنوا بتربيته وتعليمه في أرقى الدواوين وأكبر الندوات، والشيخ أحمد الفهد رجل كيّس فطن ليس بالخب ولا الخب يخدعه، ويعلم تماما أمر هذا الاستجواب منذ أن حملت به أمه وهناً على وهن حتى يوم ولادته، ويعرف في أي برطمان كان يختبئ، والجميل في الموضوع أن كلاً من المستجوبين والمستجوب حساباته مكشوفة للآخر ويعرفان بعضهما عدا ونقدا، فهو استجواب تَغْلب عليه الشخصانية والثأر التاريخي، وهذا ليس سرا أو اكتشافا ميتافيزيقياً إنما حتى الأطفال الرضع والبهائم الرتع يعرفون ذلك.
نجاح الشيخ احمد الفهد في تجاوز استجواب كتلة الوطني سينعكس إيجابيا على موقف سمو رئيس الوزراء من الاستجواب المقدم ضده، وسيجني ثمار هذا النجاح لأن محاور استجواب الفهد هي ذات مضامين استجواب سمو الرئيس وإن اختلفت المحاور، فاستجواب الشعبي يتضمن المشاريع التنموية الكبرى التي أقرتها الحكومة مثل جسر جابر الأحمد ومحطة الزور وأبو فطيرة، وهذه تدخل ضمن اختصاصات أحمد الفهد كونه وزير التنمية، فتفنيد أحمد الفهد لمحاور استجوابه واقتناع النواب به سيشكل انطباعاً ايجابياً وأرضية لينة لتقبل دفاع سمو رئيس الوزراء الذي سيأتي بعد استجواب الشيخ أحمد الفهد وربما في نفس الجلسة مما يسهل عليه إقناع النواب وتقبلهم لدفاعه.
الأمر المهم هو أن التضامن الحكومي بات أشد تماسكا وأقوى عضدا من ذي قبل، فقد انتهت شائعات الحرب الباردة بين أعضاء الحكومة التي كانت رائجة في كل شارع وسكة والتي كان لها الأثر الكبير في الاستجوابات السابقة واستخدمت كثيرا في التأثير على النواب، فقد تبين للجميع الخيط الأسود من الأبيض فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
[email protected]