أتساءل ويتساءل الكثيرون هل بالفعل نحن نعيش في زمن الأزمات، فلا نكاد نخرج من أزمة حتى ندخل في أخرى دون أن يكون هناك بصيص أمل لانفراج أي من تلك الأزمات، فمثلا الأزمة الصحية ومشاكلها المستعصية ابتداء من الأخطاء الطبية إلى المستشفيات المتهالكة والتي لا تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من المراجعين وكذلك الأزمة التعليمية والتي تبدأ من ضعف المناهج التعليمية مرورا بضعف وتواضع بعض أعضاء الجهاز التعليمي، وأيضا الأزمة الإسكانية والتي بسببها أصبحنا لا نستغرب قراءة توزيع المنازل الجديدة على ورثة فلان وورثة علان عبر الصحف، وكذلك أزمة الكهرباء والتي رفعت من سعر المكيف الصحراوي وأصبحت الشمعة بفضل هذه الأزمة من الأساسيات في المنزل، ناهيك عن الأزمة الأمنية وانتشار أوكار الدعارة ومصانع الخمور المحلية، وأزمة الطرق والاختناقات المرورية، وأزمة الغلاء، وأزمة القروض، وأزمة الرياضة، وغيرها من الأزمات حتى أصبحنا لا نعرف ما الأزمات التي تنتظرنا في المستقبل القريب، والغريب في الأمر أننا نكاد نكون البلد العربي الوحيد الذي يتمتع بديموقراطية حقيقية ولدينا سقف عال من حرية الكلمة وقد سبقنا الكثير من الدول في الحركات الطلابية وتشكيلات جمعيات النفع العام ومع هذا فإننا ماهرون في خلق الأزمات وفاشلون في حلها.
أعتقد أن المشكلة تكمن في المواطن أولا وأخيرا وذلك من خلال مدى تفاعله وتعاطيه مع الأحداث والأزمات وتأثيره على القرارات السياسية والاقتصادية بشكل إيجابي، ولذلك فإن للشارع تأثيرا مباشرا على القوى السياسية والاقتصادية في الدول المتقدمة وعلى عكس ما لدينا تماما فإن القوى السياسية وغيرها لها تأثير على الشارع، لذلك فالمعادلة معكوسة لدينا، ولهذا السبب فإن أزماتنا متكررة وليس لها حلول وإن تم وضع حلول مؤقتة لبعضها فتكون لترضيات سياسية وليست لمصلحة وطن ومواطن ولدينا على ذلك دلالات واضحة ففي أوروبا مثلا عند حدوث أي أزمة أو خلل له تأثير مباشر على مستوى المعيشة أو دخل الفرد لديهم ينظمون الاعتصام السلمي والحضاري بقصد توصيل رسالة للسياسيين لاتخاذ التدابير اللازمة لحل هذه الأزمة وبالفعل تتفاعل هذه الحكومات ويتم تجاوز هذه الأزمة أو تلك ولدينا في البلد مقدم احد البرامج في إحدى القنوات الفضائية يدعو للاعتصام تأييدا لأحد الوزراء أثناء تقديم استجواب له في مجلس الأمة وتخرج المئات تلبية لتلك الدعوى فشتان بين المواطن لدينا والمواطن لدى الدول المتقدمة، فبداية التغيير يجب أن تبدأ من المواطن فهو من يختار رجال السياسة والذين يعبرون عن طموحاته وتطلعاته ممثلين له في مجلس الأمة والمواطن من يحارب السلع المرتفعة ارتفاعا مصطنعا من خلال مقاطعتها والمواطن من يقاطع الإعلام الفاسد ولا يتفاعل معه فلهذا كله فنحن بالفعل في زمن الأزمات.
[email protected]