كتب الله سبحانه وتعالى على كل ما خلق ومن خلق الموت والفناء، وهو سبحانه وحده له الدوام والبقاء، لكنا نحن البشر، إلا من رحم ربي، نعمل في الدنيا كما لو كنا سنخلد فيها، ورغم أن الموت حقيقة ماثلة أمامنا نراها يوميا رأي العين، فإن كل شخص يظن كما لو أن ما يراه لا ينطبق عليه، وهذا لعمري في القياس غريب، قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت) وبتطبيق بسيط لمربع أرسطو للمنطق نجد أن الآية لم تستثن أحدا من البشر، فلماذا سيستثنى أي شخص؟ فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انتقل إلى الرفيق الأعلى فمن من البشر سيكتب له دوام الوجود؟ قال تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون).
والموت ليس نهاية المطاف بل هو مرحلة تختم الحياة الدنيوية وتسبق الحياة البرزخية قبل البعث والحساب ثم الخلود في النعيم، جعلنا الله من أهله، أو الجحيم، أعاذنا الله جميعا منه، وقد وقف الفلاسفة والمفكرون طويلا أمام حقيقة الموت علهم ينتصرون على ما يكتنفه من غموض فيصلون إلى حقيقة يقينية عن طريق فكرهم وتفكيرهم، لكن هيهات، قال الحسن البصري: «ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت».
قيل في الأثر: «اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا»، وقد قدم الأثر بإيجاز جميل أفضل فلسفة في التعامل مع الموت والحياة، فدعوات هجر الدنيا والعمل والزهد في نعم الله والتمتع بها طبقا لمنهجه مرفوضة، وكذلك الانصراف إلى الملذات وإشباع الشهوات دونما تفكير في عواقب أو خواتيم.
لنضع جميعا هذا الحديث أمام أعيننا ولننظر إلى الحياة، كما قال أحدهم: «الموت سهم أطلق عليك وما حياتك إلا الزمن الذي يستغرقه وصوله إليك»، نسأل الله الرحمة لأمواتنا وندعوه أن يرزقنا حسن الخاتمة.
[email protected]