الناظر إلى الحضارة الغربية في هذه الأيام وما تتسم به من رقي وتطور وما تعيشه شعوبها من رغد ورفاهية ونظام بديع ونظافة واحترام للقانون ومساواة أمامه، إلى غير ذلك من أمور، لا يسعه إلا أن تذهب نفسه حسرات على حاله.. عن أهل أمتنا أتحدث.
تحدثنا سابقا عن قيمة الأخلاق ودورها في نسيج الحضارة وفي موازاتها يأتي دور العمل، فلا أفلحت أمة لم تجعل العمل الجاد منهجا لها ولا حجزت لها بين الشعوب المحترمة مكانا، فقد قال الحكماء «من كان طعامه من فأسه كان قراره من رأسه»، فمن لم يعمل فلا استقلالية له.
وقد أعلى الإسلام من أهمية ودور وقيمة العمل فالإنسان خلق على الأرض في الأساس لعمارتها، وحارب الدين الكسل والتواكل وحض على النشاط والتوكل على الله من خلال السعي والعمل. وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والعمل قيمه والرفق والده واللين أخوه والصبر أمير جنوده»، وهكذا تستقيم أمور المؤمن بالعلم والعمل ويستعين في ذلك بأخلاق الحلم والرفق واللين، ويجعل الصبر على الصعاب في جميع أموره وسيلة تساعده في الوصول إلى هدفه.
ونلاحظ هنا ان الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم استهل كلامه بالحديث عن العلم الذي قال إنه خليل المؤمن، وفي ذلك تشبيه بليغ يوضح ضرورة الملازمة فالعمل بغير علم يكون له أساسا لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج إيجابية. والعلم يستوجب القراءة والاطلاع، وفي هذا رسالة إلى الذين يفتون بغير علم ويثيرون البلبلة أن تعلموا أولا ثم اعملوا على خدمة مجتمعكم عسى الله أن ينفع بكم إن صلحت نياتكم.
والعمل ليس بالضرورة إنتاجيا فمذاكرة الطالب دروسه وتحصيله العلم النافع عمل، واجتهاد أهل الفكر والرأي في نشر الوعي والتنوير لأفراد المجتمع عمل، والفصل والقضاء بين الناس والسهر على حمايتهم وتقديم الخدمات لهم، كل هذه أعمال جليلة، وعن كل ذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». ومن ثم فإن كل فرد له دوره وعمله وعليه مسؤوليات تجاه مجتمعه.
لمحة: المثل الصيني الشهير يقول «لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطادها»، فهلا تعلمنا الصيد بدلا من أن يمنحونا السمك.
[email protected]
shafeysalama@