في علاقاتنا لابد أن نجد من يريحنا ومن يزعجنا، من يخجلنا بأخلاقه ومن نأسف على أوقاتنا معه. تلك هي طبائع من حولنا، ليست كلها على ما نريد أو نتوقع، إلا أن مثل هذه العلاقات بعظمة أثرها تهيئ فينا عقولا تفكر وتتأمل وتحاول أن تجد في كل موقف درسا تخرج به لتنمو لا لتبقى كما كانت، فالبركة الراكدة تتكاثر فيها الطحالب وكل ما له أثر في التشويه والإساءة لصفاء البركة التي كانت على ما يرام. نحن إذا نظرنا للعلاقات من حولنا بهذه النظرة كان من السهل علينا أن نرتقي ونتطور، كيف لا ونحن نتأمل ونفكر ونحاول الوصول للاتزان والراحة؟!
لكن في هذا المشوار العلاقاتي سنرى مواطن قد تكثر وقد تقل حسب رقي العلاقة، فقط نجد صراعا أو خلافا أو تعارضا للمصالح. ومن هذه الأفلاك الضيقة والحرجة نخلق نفوسنا من جديد، نورثها النور المحمدي في إحقاق الحق وإعطاء كل ذي حق حقه وصولا للاتزان الذي يجعلنا نتنفس الراحة صباح مساء. ولو لم توفر لنا العلاقة راحة نبتغيها في هذه الدنيا فنحن على استعداد لأن نقف ونراجع أنفسنا من جديد ونتخذ قرارا صائبا وهنا قد تكون لدى البعض كارثة، فكيف لنا أن نصفح عن المسيء؟ وكيف لنا أن ننسى إرادة الثأر؟ وثقافة «آخذ حقي بيدي»؟ كل ذلك يحتاج لإرادة قوية ورغبة صادقة في الامتثال لما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، والنظر للأمور من جهة تربية النفس وتزكيتها. فكل ردود أفعالي من أي إساءة ما هي إلا تبيان لقيمي وأخلاقي، وإن رد الإساءة بالإساءة أو رد الإساءة بالإحسان إنما نتيجته لا تعود إلا للذات. وفي ذلك يقول الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما أحسنت لأحد قط ولا أسأت لأحد قط». هكذا كانت العلاقة لديه فردية ولم تكن ثنائية تعتمد على الطرف الآخر. فالإساءة والإحسان يبدآن ويعودان للذات لا للطرف الآخر.
إن مثل هذه الاستقلالية إذا نمت وتعاظمت واتسعت ميادينها في حياتنا كانت العلاقات أفضل وأنقى وأطهر.
[email protected]
twitter @shaika_a