في كل وقت من الزمن، يظهر لنا أمر تتقاتل عليه الناس، وتتفاعل، فالكل يريده، والكل يقتنيه، وإن كان فعلا فالجميع يفعلونه، والجميع يؤدونه.
حين ذاك كان المؤثر في المجتمع هو من يبدأ فيه، فترى كل من هو معجب به، ومتأثر به قد سار على ركبه، واستوى على سوقه. وهكذا الأمر بين ليلة وضحاها يصير حديث الساعة، وهم الناس، ويبقى من لا ينصاع إليه غريبا في داره معقدا في أفعاله.
هذا هو تعريف عبارتنا حينما نقول «هبة» في معجمنا نحن الكويتيين، أما في اللغة الفصحى فيقال «هبت الريح» أي ثارت وهاجت، ويقال «كل من هب ودب» أي من جميع أصناف الناس، و«يهب مع الريح» أي يتبع الآخرين ويستجيب لكل دعوة.
وهذا هو تعريف ما تقدم ذكره في المعجم العربي.
يتطرق علم النفس الاجتماعي لقضية التبعية والمسايرة، وتحديدا في فرع ديناميات الجماعة، فترى أن هناك جماعة مؤثرة أو شخصا مؤثرا، لهم تابعون ومؤيدون متأثرون، يريدون بذلك شعورا بالانتماء والقيمة.
وأكثر الناس اتباعا هم أقلهم حظا في الثقة بالنفس والاعتداد بها، فتجدهم ينصهرون في الاتباع والمسايرة وقد يلغي بعضهم عقله تماما، ذلك كله ليؤمن له شعورا بالانتماء والقوة. وهذا ما قاله العلم في «الهبة».
أتمنى ألا يكون هذا الجمع الغفير الذي يمكث في معرض الكتاب من أولئك الذين انصاعوا «لهبة الثقافة» اليوم، كلي أمل أن يكون هذا العدد إضافة للعقل الكويتي والخليجي، أنا آمل أن يكون المعرض قناة للثقافة الرصينة والقرار الواعي في اختيار القراءة، وليس لأن فلانا قد صور كتابا وقهوة فأنا أريد أن أشابهه، أو أن فلانا ممن أحب قد ألف كتابا فأنا أريد أن أؤلف أيضا.
إن ذلك الوعي الذي أتحدث عنه قد يحدث فارقا هائلا في السياق الاجتماعي والثقافي. قد ينقل من حال إلى حال، من اختيار لآخر، من كتاب لآخر.
أهلا بمعرض الكتاب بكل قاعاته، بكل فحواه، بكل أطيافه، أهلا برواده الواعين، ذلك لأن العلم والاختيار أولى من التقليد والمسايرة، ذلك لأن الفرد أحق بالنور الذي يرافق العلم والقوة التي تنم عن الاختيار. فأهلا بالكل ومرحبا بالجميع.
[email protected]
Twitter @shaika_a