مجرد حلم أسعدني، عشت تفاصيله بمعطيات عمري الآن، مع أناس أحببت أرواحهم، فقد مرت أكثر من سنتين على آخر لقاء بيننا، أما وجودهم فله من العمر سبع سنوات أو يزيدون.
استيقظت على ذكراهن، صديقات الدراسة، زميلات المقاعد، والمغامرات والمنافسة.
صديقات لم يحالفني الوقت لأكمل العهد معهن، افترق بنا مشوار الاختيار، اختلفت ثانوياتنا، وجامعاتنا وتخصصاتنا، وفي النهاية وظائفنا، «طالبات الفيحاء المتوسطة»، لم أفكر فيهن قبل النوم أو أستجدي أي ذكرى معهن، لكن الأحلام هكذا تكون كريمة في الإسعاد والإبهاج.
مجرد حلم بعيد عن الواقع، لكنه أفرحني، مجرد حلم عابر، محمل بالشوق والحب والشقاوة لكنه أضفى على لصباحي نكهة مختلفة.
في هذه الأيام أقرأ لماري كوندو كتابها «سحر الترتيب» وها هو الحلم يخبئ لي قناعة جديدة، كنت ممن يناهضها، ويرفضها، ها أنا أسمع ترداد أمي كل يوم بشأن أغراضي، هداياي التي أحب، بطاقات المعايدة التي ترسو على كل منضدة ورف، معاناتها في اختراع أفكار وأماكن تخزين جديدة، ها أنا أقتنع أخيرا بأن تخزين كل الذكريات لا يجعل من الذكريات شيئا حيا ملموسا، بل يحولها من شعور مبهج إلى تكديس ونسيان.
أعترف أن أمي هي من أشعلت فتيل القناعة الجديدة، لتأتي ماري كوندو وتحفز الجذوة فيها أكثر وأكثر.
لقد آن الأوان لتدرك أن الذكريات الجميلة محلها في القلب لا في صناديق التخزين، إن الأشخاص الودودين حينما يمنحوننا دفئا برسالة مكتوبة أو هدية رائعة فإن الأثر الذي ينقلونه لحظي ذا نشوة وفرحة غامرة، لا داعي لتخزين مالا تحتاج إليه، لا داعي لتشويه فكرة الذكرى، فالذين نحبهم يبقون في القلب الحي النابض لا في الصناديق المغبرة.
أما الشاهد من هذا وذاك فإن صديقات الدراسة، أولئك اللاتي لم أحمل لهن أي ذكرى ملموسة بين يدي، أو هدية أحفظها عندي، استطاعوا أن يفرحوني في هذا الحلم العابر، استطاعوا أن يبهجوا الروح.
العبرة ليست بالأمر المادي، العبرة بالأثر المعنوي، ذاك الذي يسكن القلب ولا يزال ينبض مع مرور هذه السنين الطويلة.
لقد سحرتني هذه الكاتبة، لقد آمنت أن الذكريات بقيمتها التي كانت في القلب لا بالتذكارات التي تخزن، أو الهدايا المعطلة عن الاستعمال، أو بطاقات المعايدة المكدسة المغبرة.
لقد آمنت بإفراغ الخزائن، ببدء الحياة بخفة، بالاستمتاع بما أحب وأحتاج، ماري كوندو أنا ممتنة، أمي لقد آمنت، فاطمئني.
[email protected]
Twitter @shaika_a