بعض التغييرات التي تحدث في دواخلنا قد لا نفطن لها إلا بعد مضي وقت طويل، كاهتماماتنا، صداقاتنا، ما نحب، وما نكره. هي تصوغ إلى حد بعيد من نحن، وماذا نكون. بعض التغييرات مهمة، جذرية وذات أثر عميق. تمتد إلى دواخل أنفسنا، كرغبات دفينة قد لا تظهر تماما ولكن لها مدلولات خاصة.
في سابق العهد كنت اجتماعية أكثر، عجولة بدرجة أكبر، في الحقيقة لا أدري هل دربت نفسي لأخفف من الشيئين، أم أنه جاء كواقع بعد تجارب عديدة؟! بت الآن مختلفة عما عهدته من نفسي خلال أيام الدراسة الأولى، هاتان الصفتان الأكثر وضوحا خلال مراجعتي لنفسي ومقارنتها مع الماضي. وإنك إذا جربت المراجعة تلك فسترى أن أفعالا لم تكن تفضلها صرت تفعلها، أو أشياء لم تكن تفكر فيها صارت تأخذ من وقتك الكثير. التغيير حاصل حاصل في دواخلك وعليك أن تكتشفه.
قد آن الأوان كي تفتح مخزن خبراتك وتتعرف بماذا تغيرت؟ لقد جاء الوقت لتعرف التغيير الذي حدث والسبب المؤدي إليه. لماذا أقول ذلك؟ لأنك إذا عرفت كيف تعاملت مع الأحداث السابقة والتي صاغت حاضرك، فستعرف صفاتك الباطنة أكثر، وستتنبأ بأفعالك المستقبلية وتقدم على تحديات تتواءم مع اكتشافاتك الجديدة. قد تحتاج لإعادة فهم الخبرة، لتحليل تعاملك معها، لتكون لك إضافة وتزكية. قد تصف نفسك بصفة ما، وقد كانت فيك ولم تعد لديك. قد تبحث عن اتجاه كنت تراه ولا تجده حاضرا لديك. هكذا هي الخبرات وأهمية تقييمها والنظر لها بعين مختلفة. فالخبرة تبني لديك ما نقص، وتهذب منك ما كثر، وتتعبك، وتحرجك، وتمرضك!
هناك من يقف وقفة المتلقي للخبرة، العاجز عن فهمها، وهناك من يقف وقفة المتحدي، المكتشف لما حوت، تلك الخبرة المتراكمة هي التي تجعل نظرة هذا الشخص تختلف عن ذاك، مشية هذا تتباين عن ذاك. لك القرار في الاقتناع بحجم الخبرة، ولك القرار بالتعامل معها. لك أن تسمو وتنطلق ولك أن تخبو وتنطفئ!
[email protected]
Twitter @shaika_a