في حديث خاص كنا نتحدث أنا وزوجي عن اختلاف التربية قي زمننا وفي زمن أبنائنا اليوم، الفرص التي أتيحت لنا قد لا نستطيع منحها أطفالنا، كنت في كل عصر أذهب مشيا للجمعية لشراء أشياء تجعل من جلسة الشاي أمتع وألذ، كنت أمضي للمسجد القريب من منزلنا لحفظ القرآن لوحدي، كنت صائمة، كنت أحذو حذو أمي في صيام الاثنين والخميس، أو صيام الأيام البيض، هذا كله وقد كنت في عمر صغير، أما زوجي فقد كان يستقل باص المواصلات ذهابا لمكتبات حولي، حيث الكتب وحديقة حولي لتناول شيء مع أصدقائه، والآن لو طلبت ابنتي ذلك لوجدته صعبا عسيرا، هل لأن الأمن صار أقل؟ هل لأننا تعلمنا وفهمنا بعض نماذج البشر؟ هل العلم يقلص إلى حد كبير ممارسات العفوية والسجية؟
في الجمعة الماضية كان البيت الذي بقربنا قد تعرض لحريق هائل، كان الدخان أسود كثيفا، رحت أشاهده من النافذة وقلبي ينفطر، رحت أدعو وطفلتي تراني، تأثرت وبدأت بالبكاء ودعت في براءتها «الله يحفظ بيتهم»، فيما بعد عرفنا أن كل ذلك الدخان الأسود الكثيف وصراخ النجدة والاستجداء قد كان من الكهرباء، هل هو سوء استخدام؟ هل كان يظن أنه سيتسبب بهذا الحريق؟ كان العلم بذلك كفيلا بأن نفكر في اقتناء طفايات الحريق، والتأكد أكثر من أن كل فتحات الكهرباء مغلقة قبل النوم وقبل الخروج، لاشك أن هذا العلم قد جعلنا أكثر حرصا وبالتالي أقل عفوية مع الكهرباء.
تعاملنا مع منتجات الأكل تغير، صرنا نعرف أن تلك المادة مضرة، وتلك الألوان والأصباغ أضر، صارت اختياراتنا مختلفة عما وجدنا عليه آباءنا، تقلصت خيارات الحليب الذي نشتريه، والخبز الذي نختاره، لقد اشتقنا لعصير السانكيست الذي لم يعد لدينا، وبعض أنواع الحلويات. تعلمنا كيف نقرأ مكونات المنتج وكانت تلك هي النتيجة.
بذلك قد يكون العلم سلبيا جدا بتقليص مساحة العفوية لدينا، ويكون إيجابيا جدا بحفظ حياواتنا. العلم كالحدود، يحفظ ويثني، العلم يستحدث أشياء جديدة، العلم نحتاجه ولا نستغني عنه. أما العفوية فقد حرمناها كثمن ندفعه لحياة أفضل وأطول بإذن الله.
[email protected]
Twitter @shaika_a