في دورة «أسرة الألفية الثالثة» سمعنا عن صفات جيل الألفية، وكيف لنا أن نتعامل معهم في ظل قلة صبرهم، وشعورهم الغامر بالأحقية. وكالعادة فإنني من أولئك الذين يلجون عالم التدريب ليتعلموا أولا، وليتأكدوا من أنهم يسيرون في الجادة الصحيحة، غير آبهين بأي عراقيل تقليدية أو ثقافة تربية بائسة. إن مثل تلك الدورات تدفعني للأمام، كقوة باعثة على الاستمرار في الإنجاز أكثر وأكثر.
قد تصعب التربية على من لا يعرف أولوياته، ولا مصالحه، ولا حسناته وسيئاته، وقد تسهل تماما لمن يعرف الهدوء والسكينة، لمن بإمكانه أن يختلي ويستجمع قواه وشتاته. إن التربية بوصفها عملا شاقا فيها من السقوط، والتجربة لهي أحق في أوقاتنا النوعية، تلك الأوقات التي تبني حياتنا لنحاول النهوض مجددا وسط كل الصعوبات، صعوبة العمل والإنجاب، صعوبة العمل والتربية، صعوبة الحضور الفعلي مع الأبناء وتنظيم وقت النوم والراحة، كلها صعوبات من شأنها أن تجعلك أكثر جدية من قبل، أكثر تركيزا وإنتاجية.
امتلأت القاعة بالمشتركين وقد ضجت بالأسئلة، كانت المعلومات التي يقدمها الدكتور بمنزلة لبنات معرفية ما إن وجدت طريقها للعقول حتى بدأت بتشكيل رؤية خاصة لدى كل حاضر مع أسرته. من هنا كان استماعي إنصاتا حاول جمع أكبر قدر من المعلومات ليستفيد ويوظف المعلومة الصحيحة في الشاغر الاستفهامي لديه. أظن أن حضور دورات تدريبية كهذه يحتاج لعقلية تختلف عن عقلية حضور الندوة أو المحاضرة، فأنت في الندوة مستمع ولضيق الوقت قد يفوتك إدراك هنا وسؤال هناك، إلا أنك خلال حضورك لدورة تدريبية تمتد لساعات فأنت في حصار مع أفكارك، سريعا بملاحقتها وصريحا لمحاكمتها، لتصل في نهاية الأمر لقرار أو وجهة كنت بحاجة إليها وقد ركنت إليها وسكنت.
إذا أردت أن تبني جيلا من تلك الألفية، وأقول تبني بقصد وافر، كعمل مجهد يحتاج لتركيز، فعليك أن تكون مدهشا بلا محاضرات مكررة، أو أسطوانات معادة، عليك أن تساير اهتماماتهم، تنصت تماما بأذني فيل، تشجع، تعرف حدود تدخلك في حياتهم. وتعرف قدرك دون ابتذال ودون أن تحرق نفسك من أجل إسعادهم.
Twitter @Shaika_a
[email protected]