في زمن ماض كانت الكتابة لدي أسهل، أخف، كانت الأوقات مشرعة لها، ولا حاجة إلا لحوار هاتفي حتى تكتمل الفكرة، وتجد طريقها نحو الورقة أو ملف الملاحظات، ما أقصده أن الكتابة مع الأدوار الأخرى التي نتخذها في حياتنا، كدور الزوجة والأم والمربية تجعل من فعل الكتابة فعلا أثقل مما كان.
قد لا يصدق الرجل ذلك فهو في خارج الدائرة، ولم ولن يعي تلك الآلام التي تشعر بها الكاتبة حينما يتوقف قلمها عن الثرثرة، والحديث والتفكير والتحليل.
إن الأم الكاتبة التي تحاول وتحاول ولا تستسلم هي بمنزلة الفائزة بسباق جري لا نهاية له، حلبته الحياة، وحاضروه هم كل الثقافات في المجتمع، فمرة تقسو على نفسها لتلد حرفا أو حرفين، ومرة تعتذر عن زاويتها، ومرة تغامر وتكتب شيئا لا يشبهها، ومرة تفلح وتكتب ما تحب أن يقرأه الناس.
إن الحديث عن المرأة الكاتبة هو حديث عن مآلات الإبداع حينما تضيق ساحاته، وهو بدوره تحد في زمن، علينا أن نتماشى معه. حسنا أنا كاتبة وليست الكتابة مهنتي، أنا لا أتقاضى عليها مرتبا، أنا كاتبة لأني أحب ذلك وفقط، أنا كاتبة لأن متنفس القلم هو تنهيدة انتصار لي، أنا كاتبة لأن القلم كشيء من الأشياء وفي جدا مقارنة بالأشخاص، أنا كاتبة لأني أريد أن أستمر، أنا كاتبة لأني لا أود أن أنقطع عن شعور الوجود والتأثير والبقاء.
في زمني الحالي كأم وزوجة أجد أن الكتابة تكون أسهل متى ما وجدت صفاء ذهنيا، متى ما قرأت كتابا شهيا، متى ما كنت شغوفة وحيوية.
أنا هكذا فماذا عنك يا كاتب؟ هل تسوؤك آلام الكتابة مثلنا؟ هل تجد أن التوفيق بين الأدوار يجعل من قلمك ركيكا بعض الشيء. هل أقدارك مع الكتابة تشبهنا نحن الإناث؟ أم أنك تختلف عنا تماما؟
في حاشية المقال أقول، شعور الضحية الذي يراود نساء الشرق الأوسط ليس سببه التمييز الجنسي ولا تفيده دعوات المساواة والحقوق، إنما هو أمر لا فكاك منه، إذ ان أدوار الأنثى ثقيلة، والكتابة أثقل من أن تكون مهمة ثانية.
إن محاولات الكاتبات في البقاء على منصة الكتابة هي محاولات لإيصال رسالة عظيمة مفادها أننا نحن النساء نقبل التحدي والصمود، نقبل أن نحيا ككاتبات رائدات.
[email protected]
Twitter @shaika_a