لعل ما يربك الكثير من الآباء والأمهات، السن التي يبدأ الطفل فيها تعلم الصيام، فديننا الإسلامي الرحب قد أعطانا الثقافة الحياتية والمنهج المتكامل في كيفية تربية أبنائنا بطريقة إسلامية راقية، إلى جانب أنه لم يسلط الضوء على فترة الطفولة وكيفية تهيئتها لتعاليم الدين الحنيف، وإنما اهتم بالأبناء الكبار، حيث بدأ بتوظيف العقل الباطن في الصناعة النفسية للطفل إلى التكرارية حتى يتم تثبيت القيم في نفسية الفرد والحفاظ عليها من النسيان والانحراف والانتكاس، فيقول الحق تبارك وتعالى في سورة الذاريات (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، وفيما يلي أستعرض كل فترة عمرية من حيث استعراض خواصها ومميزاتها وكيفية التفاعل معها من أجل جيل مسلم ملتزم أفضل.
الأبناء من سن 7 ـ 10 سنوات:
ما قبل تلك الفترة هو بمنزلة تعاليم وأفكار تتم ملاحظتها وتعزيزها من خلال توظيف العقل الباطن في الصناعة النفسية للطفل عن طريق الملاحظة والتقليد، حيث الداعم النفسي لها يكون من خلال الوالدين أو الإخوة الكبار الذين هم بمنزلة القدوة والرمز الذي يستعين به الطفل لتعلم مهارات الحياة، وعليه تكون اتجاهاته وأفكاره وقيمه، ومن أشهر المقولات في هذا المجال ما ذكرته «منتسوري»، أن الطفل يشبه الإسفنجة التي تمتص كل ما يدور حولها من خبرات منذ الولادة، ويتم استرجاعها بعد عمر الست سنوات.
وهذه المرحلة العمرية التي وصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في البدء في التعليم والتدريب، حيث يقول صلى الله عليه وسلم «علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر»، حيث يبدأ الوالدان بتعليم وتدريب الطفل بدءا من سن السابعة حتى يكمل العاشرة التي يتم بها ثبات المهارة والسلوك في نفسيته، ويكون الطفل هنا أكثر قدرة على تحمل المسؤولية.
فإذا كانت الصلاة يبدأ تعلمها من سن السابعة، فالصوم أيضا يبدأ التدريب عليه في سن السابعة، حتى يتوقف التدريب في سن العاشرة، حيث القدرة على صيام يوم كامل.
وتسمى هذه المرحلة «مرحلة الطفولة المتأخرة ومرحلة ما قبل المراهقة»، وتظهر عليها بدايات التفكير المنطقي الواسع، ويتضح تطور النمو العقلي فيها، كما أن الطفل في هذه المرحلة يبدأ في إثبات ذاته بأنه أصبح كبيرا وقادرا على عمل الكبار، وهنا تأتي مسؤولية الوالدين في تكليف الطفل بشيء من المسؤوليات الصغيرة، والترغيب بها مثل: العناية بالذات ـ الاستذكار ـ الواجبات الاجتماعية ـ كذلك الصوم والصلاة، فهي مسؤوليات تتدرج ما بين التدريب والإثبات على الأمر، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «علموا أولادكم الصلاة لسبع سنين»، أي مرحلة تدريب، «واضربوهم عليها لعشر» وهي مرحلة القدرة والثبات، حيث اكتمال النمو العقلي والنفسي بشكل واضح في العمل بشكل أكثر جدية.
وبما أن هذه المرحلة العمرية تتميز بالنمو العقلي السريع، فإن دور الوالدين عظيم في تنمية النمو المعرفي لدى الطفل، فالصلاة والصيام ليسا فقط عادات وسلوكيات يتم التدريب عليها، وإنما فكر كيف؟ ولماذا؟
وحتى تتم تلك العملية بشكل أكثر مرونة وسلاسة، يجب على الوالدين اتباع ما يلي:
لا تكذبوا الطفل ـ لا تحبطوه ـ لا تحقروه ـ لا تضحكوا عليه إن أخطأ ـ شجعوه بالهدايا والمكافأة ـ ضموه وقبلوه ـ النظرة الحانية ـ نظرات الإعجاب ـ المدح أمام الآخرين ـ الثناء ـ ادعوا له بالخير أمامه أو عند قيامه بعمل مُرض فإن ذلك يريحه ـ الكلام الطيب ـ لا تغضبوا وأنتم تعلمونه، يقول صلى الله عليه وسلم «علموا ويسروا (ثلاث مرات)، وإن غضبت فاسكت (مرتين)».
فجميع ما سبق دعم قوي لصناعة نفسية مسلمة أكثر قوة وصحة، ولم ننتهِ بهذا القدر، ألتقي بكم الأسبوع القادم لاستكمال الموسوعة الرمضانية «شهر رمضان وصيام أبنائنا».
twitter: family_sciences
instagram: family_sciences