أستكمل موضوع صيام أبنائنا، وكيفية الاهتمام بهم، حيث الاهتمام لا يقتصر على صغار السن وتعليمهم، وإنما أيضا يمتد الاهتمام للأبناء الكبار، من حيث توجيههم وتثقيفهم والمحافظة عليهم من أثر انتكاسة أو انحراف عن الدين... إلخ من السلوكيات التي تزعج الآباء والأمهات في شهر الصيام، لعلنا نلاحظ الكثير من يسهب أوقات الصيام بالنوم، والآخرين يسهبون الوقت بمشاهدة المسلسلات، والبعض منهم يتسكع في الأسواق والشوارع، وفيما يلي اعرض استكمال الفئات العمرية لموضوع صيام أبنائنا:
الأبناء من سن 11 – 14 سنة:
تتميز هذه المرحلة بقدرة الأبناء على تحمل مسؤولية أنفسهم بشكل شبه متكامل، وبها تتم أسئلتهم حول ما يحدث في الحياة بصورة أكثر منطقية، إلى جانب القدرة على ضبط النفس، وسماتهم النفسية ودودون ومتعاونون، يحتاجون إلى علاقات دافئة مع الراشدين، يقدّرون القيم مثل الإخلاص، المحبة من الأفراد من حولهم، كذلك يحتاجون للبراهين والحقائق في مسألة ما، إلى جانب انهم يكنون للأصدقاء أهمية كبيرة في هذه المرحلة، كذلك القدرة على تلقي وتعلم الكثير من المفاهيم الحياتية، حيث يكونون أكثر تشربا لها.
وفي شهر رمضان لعل الغالبية الكبرى من الآباء والأمهات تهمل تلك المرحلة باكتفائهم بالصيام (أي الامتناع عن تناول الطعام)، فهي مرحلة تحتاج إلى عناية، من أجل تلقي المفاهيم الحياتية والسلوكيات بشكل صحي سليم، وشهر رمضان فرصة لتدريبهم وتعليمهم على ما يلي:
- اصطحابهم لصلات الأرحام .
- اصطحاب الأب الأبناء للمسجد، وحرص الأم على أداء الصلوات وقيام الليل بتشجيع منها لبناتها على ذلك.
- تعليمهم غض البصر، واعطاؤهم الفكر حول أثر النظر المحرم على النفس، وعليها التخفيف من مشاهدة التلفاز، والعبث بالأجهزة الحديثة.
- من خلال التواصل والتفاعل الاجتماعي، يتعلم الأبناء في هذه المرحلة أهم نقطة يفتقر إليها الكثير، وهي إلقاء التحية بصورتها الجيدة.
- يتدرب الأبناء في هذا الشهر الفضيل على قيمة الاحترام سواء للنفس أو للكبير، وبيان منزلة الكبير من حيث احترامه وتقديره، حيث تدريب الصغير على احترام الكبير والعكس.
- الصيام فرصة لتدريب الأبناء على السلام النفسي، والتخفيف من العداء والعنف الذي تولد في نفسياتهم قبيل التقنيات الحديثة، وما تمكنهم من مشاهدة أفلام العنف أو اللعب بالألعاب الإلكترونية التي تحبذ على العنف والعدوان، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ويحذر الفتية الصغار في هذا العمر من عدم تهديد بعضهم البعض بالسلاح مزاحا أو حتى أن يروع بعضهم بعضا.
- اغتنام الفرص.. وجودك مع أبنائك بالسيارة أو في وقت الراحة للتحدث معهم ومناقشتهم بأمور الحياة، ومدى أهمية الصيام، وأن الصيام ليس الامتناع عن الطعام فقط، وإنما هو الامتناع عن كل متع الدنيا، والمعاصي وإيذاء الآخرين سواء بالقول أو الفعل.
- تعزيز قيمة التعاون بدءا من المنزل، كالتعاون في اعداد الولائم، أو المساعدة في احضار الطعام... إلخ.
- تشجيع الأبناء على حفظ سور القرآن الكريم، واحياء روح التنافس الايجابي فيما بينهم.
الأبناء من سن 15 – 18:
وفي هذه المرحلة يكون الأبناء يميلون للأصدقاء ويتأثرون بهم بشكل كبير جدا، وهي أخطر مرحلة إن اهملت، ففي هذه المرحلة تتم تهيئة الشباب فيها والشابات على الانتقال لمرحلة تحمل مسؤولية نفسه بشكل كبير في تحديد المستقبل، وعليها تكوين الاتجاهات والأفكار التي لها بصمة قوية على الحياة العملية والزوجية فيما بعد.
فيجب على الوالدين ضبط انفعالاتهم في هذه المرحلة، ويكونون أصدقاءهم المقربين، إلى جانب ان تكون المناقشة معهم أكثر هدوءا، وترك لهم حرية القناعات الشخصية، إلى جانب تكليفهم بالمسؤوليات الكبيرة وتشجيعهم على ذلك، أيضا الاهتمام والتشجيع على مزاولة الرياضة وتناول الأطعمة الصحية، واصطحابهم للمسجد والحرص على مزاولة العبادات والذكر، واحتواؤهم بالعاطفة هو ما يمكنهم من أن يكونوا أكثر ميلا للمثالية دون استهتار أو تهور، تدريبهم على ضبط انفعالاتهم من خلال انعكاس ضبط انفعالاتنا عليهم، وهي من أهم ما يمكن أن يكون الاهتمام به في هذه المرحلة، والتكرار قيمة تربوية تعزز القيم في النفوس وتظهرها بشكل ايجابي فيما بعد، فالصيام فرصة للتدريب على كل ما سبق ذكره، وكل عام وأنتم بخير.
twitter: family_sciences
instagram: family_sciences