في مقال الأسبوع الماضي تحدثت عن خطر يداهم أبناءنا، ألا وهو المشاهد الإباحية من خلال الأجهزة، والوضع الراهن حرج جدا، ويكون من الخطورة ما هو على المدى البعيد، مما سينعكس على كيان المجتمع بأكمله، فعلى كل من الأب والأم اتخاذ القرارات الصارمة الإيجابية التي من شأنها تحوي الطفل وتحميه في الوقت الحاضر وللمدى البعيد.
فإن كان الكثير من أطفال اليوم قد اطلعوا على ثقافة قبل أوانها، فمنهم أيضا من أدمن على تلك المشاهد مما أقلق الآباء والأمهات وجعلهم في وضع حرج، وعليه تمت معالجة الكثير من الأطفال في عيادات نفسية، وذلك لتضرر صحتهم النفسية والدماغية بشكل كبير.
ويقرّ العلماء والأطباء في هذا المجال، ان التأثير الأكثر خطورة يأتي من عالم الأطفال من هم دون الرابعة عشرة سنة، وذلك لحدوث تغيرات دائمة في دماغ الطفل، وبالتالي يؤثر على سلوكه بالانحراف وقناعاته في المستقبل، وقد بينت الدراسات أن ثلث الأطفال الذين شاهدوا المقاطع الإباحية قد طبقوا شيئا منها بعد مشاهدتهم بأيام، إلى جانب ممارسة الجنس يكون شيئا طبيعيا وعاديا ويكون أساسيا لديه في المستقبل، كذلك يؤكد العلماء أن تلك المشاهد ستطور لدى الطفل سلوكيات شاذة مثل احتمال ارتكاب جريمة الاغتصاب أو الاعتداءات الجنسية أو التحرش الجنسي أو التلصص أو معاكسة الأطفال...، إلى جانب تدهور الصحة النفسية وتدني المستوى التعليمي، لما انعكس على الطفل من سلبيات أخرى منها تشتت الانتباه وانعدام التركيز، إلى جانب الشعور بالاكتئاب والضجر والملل والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى، إلى جانب الآثار الواقعة على أدمغتهم والتي تجعلهم في حالة إثارة دائمة.
تلك كانت انعكاسات تلك المشاهد الإباحية على الأطفال، ولوقاية الأسرة أبناءها من تلك المشاهد الهابطة:
أولا: التركيز على غرس الوازع الديني والثقافة القرآنية في نفس الطفل، وذلك بشكل يومي.
ثانيا: الحرص على تعليم الطفل الصلاة، وتأديتها بأوقاتها، كذلك تشجيع الذكور على الصلاة في المسجد، وذلك لا يحدث تلقاء نفسه إلا في ظل مصاحبة الوالدين للطفل.
ثالثا: التوعية والإرشاد الدائم، وتطبيق منهج التكرارية في أسلوب تنشئة الطفل، فإن التكرار له فوائد على المدى البعيد، وذلك من خلال تخزين القيم والسلوكيات في العقل الباطن، وبالتالي الصناعة النفسية التي تؤمن الصحة النفسية للفرد، فعلى سبيل المثال تكرار جمل منها: أنت محترم، أنت خلوق، أنت لا تحب الحرام، أنت لا تقبل بالخطأ.
رابعا: المراقبة الشديدة، والتي تأخذ الشكل الإيجابي، بعيدا عن التشكيك وشعور الطفل بعدم الثقة به، ووضع قوانين صارمة تقنن استخدام تلك الأجهزة داخل المنزل وخارجه.
خامسا: التعرف على أصحابهم والتعرف على أهاليهم أمر مهم وغاية في الضرورة في زمن تكثر فيه الفتن، والمغريات مقدمة على طبق من ذهب.
سادسا: تفادي ضرب الطفل أو الإساءة إليه بشتى أنواع الإساءة، واحتواؤه بالعطف والحنان والتفاهم والحوار الإيجابي، أفضل بكثير من القسوة والعقاب.
سابعا: توجيه طاقة الطفل لما هو مفيد، مثال ذلك مزاولة الرياضة بشكل يومي بالاشتراك في ناد رياضي أو غيره، قيامه بأعمال منزلية من تنظيف وترتيب، تكليفه بمسؤوليات تشغله وتشغل وقت فراغه، تنمية مواهب أخرى لديه.
ثامنا: النظام والقانون الصارم في المنزل غير القابل للمناقشة، مثال «لا للأجهزة في أوقات الدراسة، لا لاستخدام جهاز بعد الساعة السابعة...، أو قانون منع امتلاك جهاز ما لم يكمل الخامسة عشرة سنة يوضع من قبل الوالدين وباتفاق الطرفين أمر في غاية الأهمية».
تاسعا: تشجيع الطفل على مشاهدة البرامج الثقافية والتعليمية، وكذلك الدينية بدلا من الكرتون وأفلام الأكشن والعنف.
عاشرا: يقول الحق جل وعلا: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ـ الرعد :11)، فاعلم أيها الأب، واعلمي أيتها الأم، لا صلاح لأبنائكم ما دامتم تسمحون أنتم لأنفسكم بمشاهدة تلك المناظر وأبسطها المتداولة عبر الواتساب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لغرض إشباع فضول أعمى، إلى جانب النكت والكلام الفاحش الذي له من الانعكاسات ما يؤثر بدوره على بناء قوام الأسرة المسلمة.
[email protected]
family_sciences@