لا شك في أن الكويت مرت بأزمة مروعة بسبب الإرهاب، وهي ليست أزمة تخص طائفة معينة، وإنما هي قضية تلحق بالشعب الكويتي أجمعه، ذلك المجتمع الصغير المتكاتف في السراء والضراء باختلاف طوائفه ومذاهبه، وتستثار المشاعر الإنسانية قهرا وحرقة عندما يكون ضحية الحدث ناس أبرياء وخاصة إذا كان بينهم أطفال، فأكثر ما يروع القلوب ويعصرها ألما، مشهد طفل بريء ضحية عقول معاقة وفكر ملتو، وتلك النفوس الصافية البريئة في جميع أقطار الوطن العربي التي ذهبت بسبب (من يفسد فيها ويسفك الدماء)، قضية إنسانية عصفت بنفوس وزعزعت مشاعر آباء وأمهات ومن هم ذوو صلة قرابة، وأصعب الأقدار هو فقدان الطفل الذي يملأ المنزل مرحا وفرحا وبهجة وشقاوة وضحكا وبركة، ولكونه أصعب الأقدار ابتلاء، بشر الله المسلمين بأجر عظيم وكبير وكرامات لمن يفتقد فلذات أكبادهم.
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟، فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع ـ أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فيقول تعالى: «ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد».
وقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا النبي صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف: إنها رحمة»، ثم اتبعها أخرى فقال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن أطفال المسلمين يقال لهم يوم القيامة: ادخلوا الجنة، فيتعلقون بأحقاء آبائهم وأمهاتهم فيقولون: ربنا آباءنا وأمهاتنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم وأمهاتكم..».
وعن أم حارثة بن ربيع، رضي الله عنهما، يقول أنس رضي الله عنه إنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الحارثة ابنها قتل في بدر، أصابه سهم خطأ، فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن الحارثة؟ فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال عليه الصلاة والسلام: «يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى».
فكم من شرف عظيم من الله العزيز القدير يؤجر الإنسان على فقد قطعة من قلبه، فالآباء والأمهات الذين فقدوا أطفالهم اليوم يعتصرون ألما وغدا لفرج عظيم، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، وارحم شهداءنا وشهداء المسلمين، وارحم شهداءنا الأطفال وأطفال المسلمين، وأجر أهلهم بالأجر العظيم، وصبر قلوبهم، وبلغهم ما وعدتهم، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، والحمد لله رب العالمين، وصلّ اللهم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
e-mail: [email protected]
twitter: @family_sciences