شهر رمضان شهر عبادة، فلا تقتصر العبادة فيه على أداء الفروض منها الصلاة والصيام، وإنما القسط وعدم التبذير والاكتفاء في النفس البشرية واللسان الرطب بذكر الله المعرض عن اللغو، والكثير من الناس يصبون هوس إشباع المعدة من الأطعمة المتنوعة ما لذ وطاب منها، مسرفين غير مبالين بالأضرار الصحية من جانب وعدم تطبيق شريعة الله من جانب آخر، يقول الحق تبارك وتعالى (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ـ طه: 81)، فالناس في رمضان تنتابهم حالة من التوتر والاضطراب من الجوع طوال النهار، ولعل البعض هداهم الله، يبالغون في أطعمة السحور والفطور، إلى جانب العصبية الزائدة جراء ما سبق فيضيع صيامه وأجره.
إن شهر رمضان شهر رحمة للبشرية، فبه من الفرص التي يستطيع الإنسان ترويض نفسه من خلال تغيير نمط معيشته في هذا الشهر حتى يصل إلى مرحلة الاعتياد، فقد وردت في القرآن الكريم آية عظيمة ترشد الإنسان لعادات صحية سليمة تطيل بعمره بصحة غنية، فيقول الحق تبارك وتعالى (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ـ الأعراف: 31)، حيث يشير أطباء التغذية والطب الحديث الى أنه حتى ينعم الإنسان بصحة أفضل فعليه تناول خمس وجبات صغيرة في اليوم، والآية السابقة من ألف وأربعمائة عام تدعو عامة البشر إلى تناول خمس وجبات صحية صغيرة في اليوم، فقد ابتدأت الآية بـ (يا بني آدم) ولم تقل «يأيها المؤمنين»، أي لم تخص فئة من البشر وإنما العامة، (خذوا زينتكم) أي الراحة والفرح، حيث يدعونا القرآن إلى أخذ قسط من الراحة خمس مرات في اليوم، (وكلوا واشربوا) وفيها يدعو القرآن الكريم لتناول وجبات صحية بعد كل صلاة، حيث يشير علماء الطب والدين الى أن أوقات الصلاة لها أثر على غدد الإنسان وإفرازاتها، ولذلك حبذ القرآن أن تكون أوقات تناول الوجبات هي أوقات الصلوات الخمس، وإلى آخر الآية التي تدعو إلى عدم الإسراف في الطعام، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم «طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية»، ولعل الطغيان في الأكل أصبح ثقافة مجتمعية اليوم دون وعي، يقول الحق تبارك وتعالى (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ـ طه: 81)، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»، فيجب علينا كمسلمين تطبيق ما أرشد به القرآن في الآية السابقة الذكر، حيث تحقق في مضمونها ثلاثة أمور عظيمة لصحة جيدة للإنسان وعمر أطول بإذن الله، منها:
- الطعام الصحي.
- الراحة النفسية أو (الصحة النفسية).
- العادات السليمة كأسلوب حضاري راق.
وشهر رمضان صحة للصائم، فيمكننا في هذا الشهر تطبيق ما نزل بالقرآن الكريم من عادات صحية، حيث يمكن للصائم أن يتناول وجبة خفيفة عند الإفطار، ومن بعد صلاة التراويح، وعند السحور، ويميل إلى أن يكون نباتيا في غذائه أكثر من أن يتناول اللحوم والمشتقات الحيوانية، وذلك يرجع إلى أن النبات ـ مثال الفواكه والخضار ـ يمد الجسم بالأكسجين، ما يجعله أكثر نشاطا وحيوية وصحة بلا مشاكل جانبية تضر الجهاز الهضمي، ولن أكتفي بهذا القدر معكم أعزائي القراء، وإنما إلى مقال الأسبوع القادم مع فرص رمضانية وعادات غذائية تنعكس على البشرية بالنفع، مستمدة من القرآن والسنة.
[email protected]
family_sciences@