يعتقد الكثير من الأمهات والآباء أن الاعتناء بالطفل أو الأبناء بشكل عام بالنظافة وشراء اللباس الجديد والنزه المختلفة وتنفيذ رغباتهم وأهوائهم يعني أنهم يربون أبناءهم أحسن تربية، مفهوم الرعاية يختلف اختلافا كليا عن التربية أو بمعنى آخر التنشئة، فالرعاية واجب وفطرة والدية تجاه أبنائهم، ولكن تبقى هناك من الأمور والنقاط المهمة في تنشئة الأبناء يغفل عنها الآباء والأمهات اليوم ولا يلقى لها بال، منها:
- التركيز على المفاهيم الحياتية: مثال، لماذا نصلي؟، الفروض لا جدال فيها من صلاة وحجاب وصيام والالتزام، كيف الالتزام بتعاليم الدين يحقق السعادة، الدين من أجل سعادة البشرية وليس شقاؤهم، كيفية الفصل بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي، كذلك كيف يكون التصرف الإيجابي في المواقف المختلفة شكلا ومفهوما؟، كيف يكون الأسلوب اللبق في التعامل مع الإساءة؟، أهمية الحفاظ على العادات والتقاليد، دينامية الحفاظ على السلوك الصحيح... إلخ.
- الفكر السليم: ولا يتحقق ذلك إلا بدراسة المنهج القرآني وباتباع السنة المحمدية الشريفة، وقوة الوازع الديني لدى الأسرة، فالفكر المستعمر جراء العولمة وما يحدث حولنا من مظاهر وظواهر انعكاسات ما يبثه الإعلام لنا، يجعل الفكر ملتويا لدرجة الانكسار والفشل، فحقيقة الحياة فلسفة عظيمة قليل من يمتلكها ويلقنها لأبنائه سواء عن طريق التلقين أو الملاحظة، وجميع ما يحدث من مغالطات في المفاهيم والسلوكيات وتبدل مخارج الحروف بلغة أخرى كثقافة، هي أصل من أصول الجهل الذي نتج من البعد عن التعليم الراقي الذي نمتلكه كمسلمين واتباع ما عند الغرب باسم الحضارة.
- السلوكيات الحميدة: لعلنا نخرج بالشارع ونرى الناس وقد أصبحت سلوكياتها غريبة ومتناقضة، بعيدة عن الاحترام والذوق العام، ونلاحظ أن الكبار من آباء وأمهات سلوكياتهم محط انتقاد أكثر من الصغار، فالصغير يتعلم من الكبير، فإن كانت القدوة ملتوية الفكر منحرفة السلوك فكيف للصغير أن يتعلم السلوكيات الراقية، مثال، كم مرة ترى في اليوم الواحد من يرمي الأوساخ من نافذة السيارة في الشارع العام؟، كم منا يتعرض بشكل يومي لقباحة سلوكيات البشر في عدم احترام حقوق الآخرين والالتزام بالقانون والنظام؟، فهي بالنهاية سلوكيات ملاحظة من قبل الصغار ومتعلمة، تنعكس على المظهر الثقافي الحضاري للمجتمع.
- تعلم الستر والحياء وكتم الغيظ واحتواء الخصوصية: لعلها مفاهيم مهمة راقية لمجتمع إسلامي راق، ولكن لم يعد لها مفهوم في ثقافة أبنائنا المعاصرة، حيث الكاسيات العاريات في كل مكان، وولاة أمور تحت مسمى (ديوث)، ولا حياء من الخالق، ولا احترام للخصوصية، فأصبح جميع ما سبق أمر طبيعي مستسلم له، خارج عن السيطرة لبعد الناس عن الدين وضعف قوة النفس في صد ما يغضب الرب سبحانه وتعالى.
فالأسرة والمدرسة أهم وأقوى مؤسستين في بناء نفسية الفرد بالشكل الصحيح، واليوم الأسرة أصبحت اتكالية كثيرة الانشغال، وأضحت المدرسة منبعا للتوتر والتناقض والفوضى والسلوكيات الخاطئة، فكيف لنا بمفهوم تربوي ينتشل الأمة النائمة من كوابيسها المفزعة، فالدين الإسلامي عني بنهوض الأمة نفسيا وسلوكيا وفكريا بعيدا عن الفكر الغربي الجاهلي، الذي يجعل من الأمم لا تفقه أن تميز بين الكذب والمزاح وبين الحق والباطل والصح والخطأ.
family_sciences@