أولا، أحب أن أبدأ مقالي بتعديل مصطلح (المراهقة) إلى مصطلح (الحيوية)، إنها مرحلة الحيوية والنشاط والفكر الصافي الذي يستقبل الكثير من الخبرات وقابل لتعلم الكثير، ومن وجهة نظري ليست بالمراهقة التي تكون من الرهق، فهي مرحلة العجينة الطرية القابلة للتشكل إن أحسنت صنعها، وهي من أكثر المراحل جمالا من الناحية العطائية، فعلى قدر عطاء الوالدين (بإحسان) على قدر ما كانت مرحلة ابداعية في معطياتها لكلا الطرفين.
فالمراحل العمرية للإنسان كلها تحتاج لرعاية تامة في العطاء وإلا تحولت لصراعات كبيرة تنتهي باضطرابات وضغوط نفسية، وإنما يتم التركيز الفعال لهذه المرحلة لأسباب عدة منها:
٭ النمو السريع لهذه المرحلة والتضارب بين النمو الجسمي والعقلي.
٭ الفضول الكبير وراء اكتشاف العالم ومفاهيمة.
٭ التغيرات البيولوجية في الهرمونات بما تلعب دورا في تقلب المزاج.
٭ طاقة كبيرة ونشاط كثير في هذه المرحلة.
٭ كما أنها مرحلة النضوج التدريجي الذي يتدرج في نموه خلال عشر سنوات من الناحية العقلية والنفسية والفكرية.
ومن المشاكل التي يعاني منها أغلب الأسر مع أبنائهم في هذه المرحله: التمرد ـ الشعور الفرد بالاغتراب الأسري ـ الصراع بين الغريزة والعادات والتقاليد الاجتماعية ـ كثرة متطلباته ورغباته في الامتلاك.
وتلك المشاكل أمر طبيعي جدا، ويمكن السيطرة على تلك المشاكل إذا تم اشباع الشخص الحيوي بالنواحي التالية:
٭ الاحتواء العاطفي: الذي يكون في المدح والثناء والضم والقبلات ومساحة حرية التعبير والاختيار وتحقيق الأمن النفسي واستقراره.
٭ ضبط الانفعالات: الصراخ لا يجدي نفعا والضرب يعني الإعدام، فالحوار والنقاش أفضل من الجدال والصراع، والهدوء النفسي والاستغفار أفضل من الانفعال الهائج من الوالدين.
٭ النظام: إن الفرد الحيوي تقنن اندفاعاته ورغباته بالنظام، فإن عود الفرد على نظام معين في ضبط نظام حياته تفادى كلا الوالدين الصراع القائم بينهما وبين ابنائهما، وبؤرة تحقيق النظام تكون بالقدوة الحسنة، فلا جدوى في النظام إن كان الوالدان لا يلتزمان به.
٭ الحزم: ولا يعني القسوة وإنما إن كان يتعدى حدا من حدود الله ورسوله فيجب الحزم في الأمر ويحب تعويد الحيوي أنه لا جدال في تنفيذ أمر من أوامر الدين.
٭ التكرار: إن التكرار يلعب دورا في غرس المبادئ التربوية بشكل فعال، فيجب على الوالدين تطبيق مبدأ التكرار من ناحية: تكرار العادات الاجتماعية للحيوي منها الالتزام بأوقات الطعام والاجتماع في وقت معين لتبادل الحوار والخبرات، كما تكرار الكلمات الحسنة منها أنت رجل ـ أنت يعتمد عليك ـ أنت مستقيم ـ أنت امرأة ـ أنت الحنونة ـ أنت ست بيت... ومنها يصنع جيل عظيم.
٭ التشجيع المستمر: إن للحيوي طموحا وأهدافا وهواية، فتشجيعه ومساندته في ممارسة هوايته أمر عظيم واحتواء جليل من الانحراف والبطالة.
family_sciences@