لا أحب أن أخوض في معارك السياسة فهي ليست من اختصاصي، وإنما إذا كان الأمر متعلقا (بالاجتماع السياسي) فهو من اختصاصي، فالكويت دولة إسلامية ودستورها القرآن الكريم ولا يحق لأحد أبدا أن يستبدل النعم بالنقم، فمن قال إن الكويت دولة مدنية؟! وذلك لأن الدولة المدنية تكفل الحريات الشخصية! فمن فكر دون أن يفكر بتلك المقولة فليعلم أن هذا قمة الجهل والتخلف، لأن من يكفل الحريات الشخصية هو الدين الإسلامي ولكن بحدود ومبادئ وأخلاقيات تكفل سلامة البناء الاجتماعي للمجتمع الإسلامي الراقي، فاحترام الديانات والمذاهب هو من أخلاقيات الدين الإسلامي، ويتميز به عن باقي الأديان.
ومصطلح الدولة المدنية انبثق من مجتمعات كبيرة الحجم لا تاريخ لها متعددة الديانات ومتعددة المذاهب والأجناس، ولأن أفراد ذلك المجتمع مختلفون ثقافيا وبفجوة كبيرة ظهرت فكرة الدولة المدنية لكي تكفل لذلك المجتمع العيش بسلام دون تعرض أحدهم للآخر، فكيف أشبه تلك المجتمعات واصقل مصطلح الدولة المدنية على مجتمع صغير مسلم يتفق على كتاب واحد في المرجعية (القرآن الكريم) ذات ثقافة وطنية واحدة وتاريخ واحد؟ هل وصل الأمر بالبعض التملق والتشدق من أجل تبرير حرياتهم الشخصية على حساب الدين؟!
رسالة لوزارة الأوقاف العامة جعل أعمالك في ميزان حسناتك وحملاتك التوعوية لا تتوقف، وحث بناتنا على الحجاب أمر مفروض من أجل الحفاظ على كرامتهن ورقيهن امتثالا لأمر الله الخالق عز وجل حيث قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) (الأحزاب:59)، وليلاحظ أصحاب المعارضة الكبيرة للحجاب أن الله سبحانه وتعالى قد وجه الرسالة لنساء المؤمنين وبمعنى أوضح استشهد بالآية الكريمة (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم) (الحجرات:14)، فما يحدث اليوم من معارضة كبيرة من بعض الأخوة المسلمين فذلك بأنهم ليسوا من المؤمنين الذين خصهم الله عز وجل في كتابه بآيات كريمة (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) (الواقعة:13-14)، وهم من يتمثلون لأخلاقيات القرآن الكريم وأوامر الله عز وجل، فالقرآن مرجع لخلق الإنسان، ذلك المخلوق الذي يعلم خالقه ما هو صالح له وما هو ضار، لكي يسعى في الدنيا بكرامة وسعادة وقوة فكر وبدن وأمن وأمان، فهي من دواعي العيش في الأرض بسلام، فيجب الامتثال لما أتى به القرآن من أوامر ونواهٍ حتى يكن الإنسان صالحا للعيش بسلام وعمار، فالحملات التوعوية في الدين ليست حجرا على الحريات الشخصية وإنما إعلاء للفكر والنهضة الحضارية في زمن يفتقر أفراده للكثير من القيم والمبادئ والفكر الذي ينهض به للرقي والحضارة لا للانتكاس والجاهلية.
family_sciences@