الحب الحقيقي هو ذلك الإحساس الأقدس والأروع الذي أوجده الله في نفوس كثير من مخلوقاته من الملائكة والإنس والجن والحيوان، هو ذلك الوقود الذي يحرك كل مشاعر النفس نحو النفع والتكيف والتواصل.
الحب الحقيقي عند الانسان هو الحب لذات المعنى بمعنى ان الانسان يحب من اجل ان يستمتع بذلك الاحساس الذي لا يمس الا القلوب الكبيرة وأصحاب الروح العظيمة بمختلف أزمانهم وأماكنهم، هو ذلك الإحساس العظيم الفريد الوحيد الذي يجمع بين اثنيات أو اكثر وان لم يجمعهم نفس المكان والزمان.
لا شك أن اعظم حب هو حب الله لعباده ورحمته بهم وهو الحب الذي قام به هذا الوجود، وحب الله لرسوله صلى الله عليه وسلم هو ذلك الحب الذي لم يجعل الله يكلف رسوله ما لا يطيق في دعوته، حيث جعله الله فقط مبلغا للرسالة ولم يجعله على الناس بحفيظ أو بوكيل أو بجبار أو بمسيطر وذلك لكي يستمتع نبينا بحب الله وبالحق والحقيقة، ولذلك استطاع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ان يجمع حوله أصحاب القلوب الصافية والفطرة السليمة من أهل بيته وأصحابه حتى عم هذا الحب المشرق والمغرب، فنجد انفسنا نهيم حبا وعشقا للحبيب المصطفى على الرغم من البعد الزماني والمكاني.
ومن ذلك الحب الإلهي انبثقت كل مشاعر الحب والتراحم بين الخلائق فلا يحيا أي مجتمع بشري إلا بالحب الحقيقي الخالي من شوائب المصالح والمنافع الوقتية.
ان من اخطر ما يواجه أي مجتمع هو الحب المشروط وخاصة من داخل الاسرة وللأسف نحن جميعا في مجتمعنا العربي نواجه هذه المشكلة ولا نشعر بحجم هذا الخطأ في الحب المشروط وخاصة في تربية أطفالنا، حيث إننا لا نراعي قلة خبرتهم بالحياة أو ربما انعدامها، حيث نكافئهم في الصواب ونعاقبهم في الخطأ وللأسف هذا السلوك ينشئ انفصاما في مشاعر الابناء ولا يجعلهم يعرفون على وجه الدقة هل نحن نحبهم ام نكرههم؟
ولا شك ان أطفالنا بحاجة الى أن نغمرهم في طفولتهم بمشاعر المحبة مع النصح اللطيف والتوجيه والمتابعة الدائمة فذلك افضل لهم ليكونوا أسوياء نفسيا عند نضوجهم العقلي والبدني واكتساب مزيد من الخبرات الحياتية، وإني أرى أن ذلك المنهج هو الأفضل لإيجاد مجتمع قوي قائم على الحب الحقيقي الإنساني بين أفراده بدون النظر الى الاختلاف الظاهري بين البشر، الحب المشروط يزول بزوال السبب وهو حب مضطرب مؤقت يؤدي الى التربص فيما بيننا بغير حق، هو حب يقتل الإحساس بالخصوصية والإبداع والحريات، الحب المشروط تغلب عليه الكراهية في اغلب الأحيان لأنه يشترط الكمالات الصفاتية، وهذا مستحيل في حق البشر باستثناء الأنبياء والرسل.
قليل من التدبر لمعنى الحب والأمثلة والمواعظ كثيرة ولكنها لا تجدي إلا بالتدبر وان الحياة أقصر من أن نضيعها في الكراهية والبغض والتحاسد فيما بيننا.