لا شك أننا كأمة عربية وإسلامية نواجه تحديات عالمية خطيرة تتطلب منا الانتباه وأن ننحي خلافاتنا جانبا سواء السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية، ولعل هذه التحديات هي ما يقع في نطاق النظام العالمي الجديد، والذي انتقل من الثنائية القطبية إلى الأحادية القطبية، حيث أمركة العالم بعد تخلص الولايات المتحدة الأميركية من الغريم الرهيب الاتحاد السوفييتي، والذي تفكك ويحاول الآن أن يستعيد قوته على حساب أي شيء.
هذا النظام العالمي جعل الأرض قرية كونية global village تحاول فيه أميركا بمعاونة حلفائها الغربيين فرض النموذج الأميركي على العالم بحيث يدور الجميع في فلك القطب الواحد، وذلك بفضل التطور العلمي المذهل والذي جعل من أميركا قبلة الباحثين والعلماء والمفكرين الأحرار، ولا شك أن هذا القطب الأوحد لا يدخر جهدا في تخريب العالم حتى يبقى متحكما في مقدرات الشعوب، وذلك بإثارة النزاعات الدينية والعرقية وتأليب الشعوب على الأنظمة المستقرة وخاصة التي تعارض الهيمنة الأميركية أو الأنظمة التي تقف حجر عثرة أمام المصالح الغربية عامة والأمريكية خاصة.
ما يهم فيما استعرضناه بشكل سريع هو كيف أننا نواجه هذه التحديات وهذه العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية؟! والتي تحاول أميركا من خلالها استنساخ أنظمة وشعوب تقع تحت سطوة تأثير هذه الأمركة الحياتية في كل شيء، وخاصة أن منطقتنا العربية تغلي بصراع معقد وتاريخي لا يستمع فيه أحد لصوت الحكمة، وكل توجه يريد أن ينتصر لزيف وأوهام لن تجدي نفعا في عالمنا المعاصر، والذي تزيد فيه الفجوة بين الشعوب العربية، وفي نفس الوقت نجد بقية الأمم تبحث عن التحالفات القائمة على المصالح المشتركة، وذلك لتأمين أسباب بقائها لأطول فترة ممكنة.
هذه التحديات الخطيرة، والتي يواجهها العالم، لا تجد منا أي اهتمام حقيقي للأسف، وذلك بسبب أننا أسرى للماضي بكل تفاصيله، نعشق التراث والرواية والخبر القديم فقط لإثارة الفتنة وليس للاتعاظ والحكمة وتجنب الأخطاء، وعندما نتحدث عن ضرورة تجديد الخطاب الديني فنحن نقصد وبوضوح أن ندع الخلافات التاريخية للتاريخ وأن نحقق أنفسنا بحقيقة التوحيد لأن الله واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد ونؤمن بكل الرسل وما أنزل عليهم، فلا مجال هنا للتفرق والتحزب، لأن الله لن يصلح عمل المفسدين، نحن لم نقدم شيئا يذكر للبشرية حتى الآن ونجني على شبابنا الواعد، والذي يرى العالم يتغير ونحن لا نتغير، علينا أن نصرخ دائما فيما بيننا بأهمية حرية الرأي والتعبير والحرية الفكرية وحرية كل إنسان في حياته ما لم يضر الآخرين، وعلينا أن نرسخ مفهوم الحرية الحقيقي، وهو المنفذ الوحيد الذي نستطيع أن ننجو منه حتى لا نصبح جميعا في خبر كان.
الحديث عن هموم وآلام منطقتنا العربية وأمتنا الإسلامية والتحديات التي نواجهها هو حديث لا ينقطع ولن نشعر بالملل من تكراره والبحث فيه، وتلك رسالة وواجب أخلاقي حتى نتغير ولو بقلوبنا على أقل تقدير لعل الله يحدث فرجا قريبا ويرزقنا هداية تصلح نفوسنا وأحوالنا.