بصرف النظر عن الصفة التي يطلقها المحللون السياسيون على الحالة الكويتية الراهنة. يهمني أن أشير إلى أنها حالة ناجمة عن الفراغ الذي تكرهه الطبيعة حيث لا شيء يغيب دون أن يحل محله شيء آخر. فإذا كانت «الخفة» هي الصفة المناسبة للحالة الراهنة فذلك دليل على غياب «الرصانة»، أما إذا كان «الانفلات» هو الوصف المناسب للحالة فتلك إشارة إلى غياب «الانضباط».
ففي المجال السياسي لا وجود للفراغ، ومتى غاب الرشاد حل محله السفه، وكلما غاب العقل حضر التهور، وإذا ضمر النموذج الجميل وتم طمسه تحت تراب النسيان يقوم الناس باختيار الأمثلة البشعة والنماذج السيئة لينصبوها على عرش التمامية والاكتمال.
إن هذه الإحلالات والتحولات الناجمة عن الفراغ الافتراضي لا تحدث فجأة في المجتمع، بل تتشكل على نحو تراكمي وببطء شديد، فكلما سقط جزء ضئيل من قيمة نبيلة حل محله جزء ضئيل آخر من قيمة مناقضة، ومع سقوط آخر الأجزاء تكتمل القيمة السيئة الجديدة فتطفو على السطح بقوة لتهيمن على الأذهان وتخطف الأبصار.
www.salahsayer.com