كريمة، لم تبخل علينا بأوراقها وثمارها وبذورها وأغصانها، منحتنا الظلال قبل أن نعرف المراوح ومكيفات الهواء، وفرت لنا الطعام قبل أن نعرف الفاكهة المستوردة،، قدمت لنا العلاج للعديد من أمراضنا وجبرت كسورنا قبل أن نعرف المراهم الحديثة وأدوية الصيدليات المناوبة، أعطتنا فرصة غسل وتنظيف شعورنا وأجسادنا بأوراقها قبل أن نعرف الصابون والشامبو المعطر.
وبعد أن دارت الأفلاك دورتها وتدفق النفط في جيوبنا وامتلكنا الثروات، تنكرنا لشجرة «السدر» وصرنا نهيم عشقا بالأشجار الأخرى. فأي نكران أكثر من تنكرنا لهذه الشجرة المباركة التي عاشت معنا الأوقات العصيبة، وأعطتنا وأكرمتنا دون منة؟! فالناظر إلى مزارعنا وشوارعنا وبيوتنا وساحاتنا العامة يجد الأشجار المختلفة، ووحدها السدرة المظلومة تغيب عن المشهد.
فهل نحن نتعمد تغييبها عن المشهد اليومي في حياتنا الحاضرة لأنها تذكرنا بأيام الجوع والفقر وشدة الهجير وقسوة الحياة في الماضي؟ وهل نحن نكره تاريخنا إلى هذه الدرجة الموجعة من النكران؟ نتحدث عن فاكهة الكيوي وزهرة الغاردينيا وننسى الكنار وسدرة العشاق؟!
www.salahsayer.com