صلاح الساير
صوتان يخرجان من الفم، بيد ان البكاء يختلف عن الغناء. فالعويل مصيبة اما الغناء فشدو وطرب. كما الجري، مشي سريع، غير ان تراكض المهزومين يختلف عن ركضة المنتصر الذي يتقدم نحو الامام. وقد انتبه ابو الطيب المتنبي لهذا الفرق حين حذر من ان نحسب الشحم فيمن شحمه ورم.
وكذلك الدويّ الذي يصم الاسماع في هذه البلاد، لا يعبر عن حالة صحية، او عن حالة ديموقراطية. صحيح ان التحولات لا تجري، عادة بصمت، غير ان صرخة الولادة تختلف عن شهقة الموت. فالصوت المصاحب للحراك الاجتماعي والسياسي صوت بنّاء، هادف، معمّر، لا مجرد ضجيج مجاني مدمر.
الصوت الطبيعي الصحي ينبغي ان يعبر عن حالة، اما حين يتحول الضجيج الى هدف مقدس، فتتوالد الصرخات من تلقاء ذاتها، وحالما نخرج من عزاء لندخل الى آخر، فتلك علامات تفوق مؤشر انقطاع الكهرباء.