المياه الراكدة تأسن وينتشر من حولها العفن، وان كانت قبل ركودها مياها صافية نقية، بعكس المياه الجارية المتجددة.
وكذلك السلطة الراكدة في قبضة الاحتكار تربض فتأسن وتتعفن وان كانت قبل ركودها صافية نقية، بعكس السلطة المتحررة من الاحتكار والتي يمكن تشبيهها بالغرف المفتوحة النوافذ للنور والهواء النقي.
ان احتكار السلطة يمنح المتسلط نفوذا مفرطا ينتج عنه احتكارات أخرى، فالنفوذ المتوحش ينتج طبقات طفيلية تولد خارج الأرحام الطبيعية للسوق والثقافة والإدارة والسياسة وسواها من مناشط، فتزاحم بشراسة وتلتهم بشراهة وتتسبب في تفشي احتكارات من شأنها سد القنوات أمام التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحتمية، الأمر الذي يؤدي الى اختناق المجتمع.
صحيح ان المجتمعات العربية لم تَخبُر الانفتاح طويلا حين مر سريعا في النصف الاول من القرن العشرين، فشهدت المجتمعات نزرا يسيرا من الحريات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قبيل عودتها الى السقوط ثانية في جب الاحتكار السلطوي، بيد أن الاختناق في الماضي ليس كما اليوم، فقد امتلك خاصتين جديدتين.. سرعة التفاقم والقابلية للاشتعال.
www.salahsayer.com