ليست الثورة الشعبية المنتج الوحيد للاختناقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فتلك الاختناقات تنتج ظواهر اخرى ربما تكون اشد وقعا على الدولة من الثورات المغيّرة، فحالة الجمود أو السكون الناتجة عن هيمنة عقلية التأجيل من شأنها اجهاد الدولة من الداخل حين يتغير العالم وتبقى، والدولة رابضة في مكانها تمضغ الماضي وترفض التحديث ومواجهة الاستحقاقات.
يمكن تشبيه الثورات الشعبية بالوجع المصاحب للمرض في الجسد البشري، اما الوهن الداخلي للدولة فيشبه الامراض الخطيرة التي تنتشر بصمت في جسد المريض حتى يهلك دون وجع او صخب او مظاهرة تجوب الشوارع، واذا كان الاطباء ينصحون الناس باجراء الفحوصات الدورية للوقاية من الامراض فتلك نصيحة يمكن توجيهها للدول المحصنة من الثورات.
وكل من يعتقد أنه محصن من الغضب الشعبي عليه ان يتفكر في مقولة «تعددت الاسباب والموت واحد» فالثورات الغاضبة لا تشكل المصدر الوحيد لتهديد استقرار الدول او هلاكها، خاصة وان العالم يتغير بسرعة فائقة، ويعج بتحديات معقدة غير مسبوقة، ولا مفر اليوم من مواجهة الاستحقاقات بروح مقدامة جسورة تدرك ان درء المخاطر الكبيرة لا يتحقق دون تضحيات كبيرة.
www.salahsayer.com