يصر الخطاب السياسي العربي على تصوير التقسيم بصورة الفزاعة او انه مؤامرة خارجية تنطوي على خطر ماحق رغم الحقائق التي تؤكد ان العديد من الدول التي انقسمت لم تواجه هذا الخطر الافتراضي، فبنغلادش انفصلت عن باكستان، وتعرضت يوغسلافيا للانقسام ثم خضعت ثانية لتقسيم التقسيم، وتشيكوسلوفاكيا انقسمت الى دولتين هما جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا، والامثلة كثيرة.
الخطاب السياسي العربي خطاب منافق يتجاهل خضوع بعض المناطق المختلفة دينيا او عرقيا في بعض الدول لنفوذ الحكومات المركزية حيث يدفع الناس، هناك، كلفة الاختلاف من ارزاقهم وارواحهم واستقرارهم وكراماتهم واحلامهم وحقوقهم الوطنية فتضطر الحكومات المركزية لترويج الاكاذيب والاوهام عن الوحدة الوطنية التي لا وجود لها في الواقع المعيش.
حدث ذلك في السودان وقت كانت حكومة الخرطوم ترفض تمكين الجنوبيين من حقوقهم او المشاركة في السلطة وكانت تصر على اسلمة القوانين واغفال حقيقة التعددية وطبيعة العصر الراهن، وبعد سنوات طويلة من الاقتتال الاهلي والخسائر الباهظة وترويج الاكاذيب حول مؤامرة الانفصال اضطر النظام الحاكم في السودان للقبول بالاستفتاء والموافقة على استقلال الجنوب.
ما لم يضمن العيش المشترك كرامة الاقليات ويمكنها من حقوقها يتحول الى شعار اجوف تذروه الرياح حالما تهب العاصفة.
www.salahsayer.com