صلاح الساير
في زنازين العقل العربي نفتقد ثقافة التراجع.
فنعتبر مراجعة الذات وتعديل الموقف او تبديل الرأي سبة تفضح الخلل في شخصيتنا.
فكل تراجع خطيئة، حتى لو كان اجتهادا بسيطا، او سلوكا عاديا، أو رأيا ساذجا ينبغي التراجع عنه بعد ان ادركنا صواب الاجتهاد او السلوك او الرأي الآخر.
الطلاق كارثـــــة، الاستقالة من العمل مشكلة، الانقطاع عن الديوانية خلل، تغيير النادي الذي تشجعه عيب، نزع الحجاب والعودة الى السفور مصيبة، ابدال الزي من الدشداشة الى البنطال خيبة.
تغيير تسريحة الشعر نزق ليس له داع، العودة عن الرأي السياسي انحراف وسقوط وخيانة.
فأنت ورأيك وهيئتك وسلوكك وعقلك في قالب واحد يجب عليك المحافظة عليه من خطر الكسر.
تحيا في سكونية وكأنك الميت.
وحالما تتجرأ وتجتهد لتعديل بعض خصوصياتك تخاصمك الالسن وتحاصرك العيون ويتكاثر حولك اللائمون الجبناء، يحرضونك ضد ذاتك، لانهم عاجزون عن طلب الحرية والهروب من سجون الثقافة الجامدة.