صلاح الساير
الانصات سلوك حضاري يغيب عن مجتمعاتنا العربية التي يتميز افرادها بالحديث والثرثرة في وقت واحد، فلا احد بمقدوره الاستماع للآخر، وكأن الكلام دون انقطاع مفخرة يتباهى بها الجميع، اما الانصات والاصغاء فدليل على الهزيمة والعجز وقلة الحيلة، لتكون نهاية الحديث بين اثنين كخاتمة الحديث بين الطرشان.
لو انصت احدنا لما يقوله الآخر لربما صرنا اكثر تفاهما واكثر اقترابا من المقاصد واختفت العديد من المشكلات والخناقات التي نعيشها مع بعضنا البعض، فالكثير من الخلافات يكون سوء التفاهم بين الطرفين شرارتها الاولى، الامر الذي يطيح بنا في هاوية التوهم والتخيل وتصوير الآخر على نحو مغاير لحقيقته.
الكلام العربي ليس وسيلة للتفاهم بل هو غاية منشودة لذاتها، انه شوط في لعبة ليّ الأذرع التي يتكئ اللاعب فيها على الطاولة كي لا يتمكن الآخر من لوي ذراعه، وقديما قيل اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، ورغم ذلك فأكثرنا يفضل فضة الثرثرة على ذهب الانصات.