صلاح الساير
يعمل ليل نهار بلا كلل او ملل، تغفو الكائنات، تتوقف الحيوات، تجف الانهار وتغرق الوديان وتذبل الاشجار وهو لا يذبل ولا ينمو، ولا يجف ولا يغرق، ولا يتوقف عن الدوران، حاضر على الدوام، يعرفه الشيوخ وتعرفه العجائز، اما هو فلا يعرف صغيرا او كبيرا ولم يخلص لأحد قط.
طريد البشر، المتفلت الذي يأبى الثبات، يعبر فيرسم خطواته فوق جباه الكرام واللئام والجبابرة العظام، يأتي بسيطا تحمله نسمة الهواء ويتنقل عبر شعاع الشمس ودورة الافلاك، وحين يمضي تمضي معه الممالك والامبراطوريات والحضارات الكبيرة.
مذ فجر التاريخ والبشرية ترصد حركة دورانه، للزرع والحصاد والحرب والسفر، وهو لا يعرف أحدا ولا يلتفت لأحد، باق على رأس عمله، ينحت الاحجار الصم في شاهق الجبال، يغير شكل الكثبان في الصحاري، يزود التاريخ بطاقة لا تنفد، يبتسم له البشر ويعبسون وهو لا يعرف العبوس او الابتسام.
هو الدهر الدهير.