فلسطين عام 1948 والناس يتراكضون على غير هدى في قرية «صفد» المرعوبة من فظائع الحرب، حملت الأرملة الشابة طفلها الوحيد وراحت تمشي حافية القدمين مع النازحين إلى سورية حيث كبر الصبي في مخيم اليرموك، وعمل وتزوج وأنجب ابنة وحيدة أطلق عليها اسم «عايدة» لعل من اسمها يكون لها نصيب.
***
تشربت عايدة الفلسطينية الحياة السورية وتعلمت في مدارسها وعملت في «القصاع» وصار الياسمين الدمشقي يزهر في روحها، وبعد ان تجاوزت الثلاثين ربيعا من عمرها اندلع النزاع في سورية عام 2011 وتحولت منطقة «داريا» حيث تسكن عايدة مع أمها إلى جبهة قتال وبعد أن سرت الإشاعات عن اغتصاب الفتيات قررت الأم الهرب بابنتها إلى لبنان.
***
مرضت الأم في بيروت فكان لا بد من السفر إلى مصر للعلاج، وفي القاهرة توفيت الأم، فقررت عايدة (الوحيدة) معاودة النزوح إلى ليبيا حيث تعيش صديقتها فمكثت هناك عاما من العذاب، قبل أن تجازف بركوب سفن الموت واللجوء إلى أوروبا ومن إيطاليا اتفقت مع مهرب ليحملها إلى فرنسا ومنها إلى ألمانيا حيث سلمت نفسها للسلطات وطلبت اللجوء السياسي.
***
أصبحت عايدة المانية وبعدت الشُّقَّةُ بين برلين حيث تعيش وبين صفد موطن والدها (الصبي الذي حملته أمه في رحلة النزوح الأولى) وبعد أن استمعتُ إلى حكايتها الأعجوبية حدثتها عن مدينة «صفد» في إمارة الفجيرة في دولة الإمارات المتحدة والتي يعتقد أن الفينيقيين خرجوا منها في رحلتهم إلى الشام، فتبسمت لي وهي تقول: لا بد أن أعود إلى صفد وان كانت في الإمارات.. عسى أن يكون لي من اسم «عايدة» بعض نصيب.
www.salahsayer.com
salah_sayer@