صلاح الساير
المتسابقة الاسكوتلندية «سوزان بويل» امرأة ريفية قاربت الخمسين عاما، بملابسها البسيطة وتسريحة شعرها البدائية وقوامها البدين استطاعت أن تدهش العالم بصوتها الطروب وأدائها المكين في برنامج المسابقات الغنائي البريطاني، فكانت تجربة ثرية أذهلت الناس الذين تكالبوا على نشرات الاخبار وموقع اليوتيوب لمشاهدة هذا الدرس البليغ.
حين تقدمت المتسابقة سوزان بويل للغناء امام الجمهور ولجنة الحكم بهيئتها سالفة الوصف لم يعرها الجميع الاهتمام المعتاد، وما أن فتحت فمها الغرد وترنمت الاوتار في حنجرتها وانساب صوتها الرخيم في ارجاء المسرح حتى ارتج الامر على الجميع وارتسمت الدهشة على وجوههم وكأن لسان حالهم يعترف بخطيئة الاستعجال بالحكم عليها.
نحن جميعا مثلهم، تعودنا ان نكون ضحايا المظهر «ملابس، سيارات، عائلة، ثراء، جمال، منصب» نحكم على الآخرين من سمتهم الخارجي دون اكتراث بما في دواخلهم من قيم أو مواهب وقدرات.
تأسرنا المنظرانية (المنظر) ونهمل المخبرانية (المخبر)، نتجاهل ان الشراب الحلو يبقى حلوا وان شربناه في قدح من فخار، وان المشروب المر يبقى طعمه مراً وإن سكبناه في وعاء من الكريستال، فقبل الوعاء الذي أنت فيه، سل نفسك، هل مر أنت أم حلو؟