مع بزوغ شمس الربيع العربي استبشر الناس العرب خيرا، واستعدت شعوب الدول الواقعة تحت حكم العسكر لاستقبال مرحلة الديموقراطية والشروع بانطلاق دولة القانون المدنية، غير ان الأحداث تدهورت وجرت بما لا تشتهي السفن التي جنحت نحو الصخور وتمزقت أشرعتها وتكسرت مجاديفها وتخاصم ربابنتها وتكالب القراصنة على دفاتها، ولم تزل حتى اليوم تقاوم الأنواء المعتوهة والأمواج العاتية.
****
كانت النتائج وخيمة جسيمة إلى أبعد الحدود، وقد أصيب العرب بخيبة أمل وسادت بينهم حالة من الوجوم، وإحساس بالدونية أمام الشعوب الأخرى، وتملكهم الذهول نتيجة وقوعهم في قبضة الممانعة الحضارية والرغبة الجامحة للماضوية والتمنع عن ولوج العصر، خاصة بعد ان كشرت «الدعشنة» عن أنيابها تحت رايات متعددة الدرجات، حتى كاد الجميع يردد مقولة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه «رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه».
****
ومؤخرا من تونس هلت أخبار إيجابية حيث استعاد الناس هناك دولتهم المدنية وسرعان ما انحسرت الظلال القاتمة لتيار الإسلام السياسي الذي تخبط في أكثر من دولة، فاستبشر البعض بهذه الأخبار الطيبة وظن ان الربيع العربي يمرض لكنه لا يموت، وفاته ان تونس حالة يصعب تكرارها بسبب البنية المدنية التحتية التي أرسى قواعدها الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة فتجذرت في الشخصية التونسية حتى تدانت قطوفها.
www.salahsayer.com
salah_sayer@