صلاح الساير
جلست إلى «ابنة الغابة» فقالت: الحياة، يا سيدي، أكبر وأهم وأكثر سعة وجمالا من التفاصيل، فمن يرغب في قراءة كتاب الحياة ينبغي أن يبعد عقله عن الهوامش. فالوردة جميلة أما تفاصيلها فلا، والنار نافعة أما تفاصيلها فجمر ولهب، وكذلك المرأة!
سرحت بالأفكار. وتذكرت المقولة الشهيرة التي تؤكد أن الشيطان يكمن بالتفاصيل. وأن الكثير من هذه التفاصيل دهاليز غير ضرورية وغير أصيلة في حيواتنا بل هي زيادة صنعها البشر تحت تأثير الأخيلة، حيث يميل الإنسان بطبعه إلى الإضافات.
فقد وضع الإنسان البدائي القلائد حول عنقه، وعلق الريش في شعر رأسه، ثم أدرك انها لا تستر عورته، فاخترع الثياب، وكان ينبغي أن يكتفي عند هذا الحد غير أنه عاد واهتم بإضافة «الاكسسوارات» بتفاصيلها.
تذكرت كلام «ابنة الغابة» وأدركت أن العديد من تقاليد المجتمعات وعاداتها الموروثة هي تفاصيل وهوامش تمت إضافتها على متن الحقائق. أما الحقيقة فإن الإنسان قادر على العيش السعيد من دون هذه الهوامش، وربما كان العيش من دونها أفضل للإنسان المثقل بهذه التفاصيل، المخنوق في دهاليزها.