صلاح الساير
أدركت في الناس اخلاقا مختلفة، فعرفت الخجول الذي نطلق عليه بلهجتنا المحلية «الحياوي» شديد الحياء الذي يجلس بضيافتك ساعات طويلة ويخجل من سؤالك عن موقع حمام الضيوف لقضاء حاجته الطبيعية، وعرفت النقيض، كمثل امرأة صفيقة لا حياء لها، تسألك دونما سبب عن خصوصياتك، فتصدها بغلظة غير انها لا ترعوي، وتعود تسأل عن تفاصيل اكثر خصوصية.
عرفت الكرماء بمالهم والأسخياء بمشاعرهم الدفيئة، يشفقون عليك اشفاقة الاب العطوف، بصرف النظر عن اعمارهم، يصغرونك او يكبرونك، او يحاذونك بالعمر، وعرفت النقيض من البخلاء الذين وإن اكتنزوا الذهب والفضة، يقترون على انفسهم، ويضنون على الآخر بالكلمة الطيبة.
عرفت الاتقياء الانقياء رغم مجونهم وجنونهم، وعرفت النقيض من الملوثين، المفسدين، قساة القلب واللسان رغم ثياب النسك التي يختبئون في طيها، عرفت «الرياجيل» الشجعان وقت الدواهي وخبرت زئيرهم، وشاهدتهم في الحياة العادية ارقّ من ورق الورد، وعرفت نقيضهم من الرعاديد الجبناء الذين يهذرون بالكلام، وشاهدت ارتعاد فرائصهم وقت الشدائد.
عرفت في الناس العارف الحكيم المتواضع، وعرفت النقيض من الجهلة الذين يتطاولون برؤوسهم كالسنابل الفارغة، ولله في خلقه شؤون.