صلاح الساير
الكثير من الناس يلعنون زمنهم الحاضر ويربطون الخير بالزمن الماضي ويصفونه بالجميل. فما عاد الوفاء بين الناس مثلما كان، ولا الصداقة ولا الامانة ولا الجيرة ولا الحب ولا الصحة مثلما كانت عليه في الماضي. فالامراض تزايدت، وكذلك الكراهية والحسد والنفاق وقسوة القلوب على بعضها.
وكأن الانسان ينسى ان لكل دهر مشاكله ولكل حقبة مصائبها، ولكل زمن مساوئه مثلما ان لكل عصر محاسنه. وان تزايدت الامراض في زمننا الحاضر فإن ذلك لا يعني خلو الازمنة القديمة من الامراض القاتلة مثل الطاعون والجدري وغيرها من اوبئة شرسة كانت تعصف بالمجتمعات وتحصدها وتهددها بالفناء.
بعضنا يتوهم فيعتقد أن القطن في الماضي انصع، والخطوة اسرع، والابناء اطوع، والنساء اروع، والرزق اوسع. وليس ذلك بالاعتقاد الراشد السليم، فعلى احد الالواح الفرعونية كشف العلماء عن نص يلعن فيه الكاتب زمنه الذي عاش فيه، قبل قرون، ويشير الى اختلاف النساء والابناء والرزق عن الماضي.
انها متوالية بشرية تعكس حاجة الانسان للتنفيس عن احساسه بالعجز او الخطأ. وصدق الشاعر حين قال: نعيب زماننا والعيب فينا.