عن تخلف العرب عن المسيرة الحضارية البشرية انتهينا يوم أمس إلى أن فترة الحكم العثماني قامت بإغراق المنطقة في ظلام دامس فترة زمنية طويلة في وقت كانت الأمم الأخرى تنهض بسرعة. وبعد أن قام الغرب بتحرير المنطقة من عتمة العثمانيين شهدت بصيصا من النور والتنوير فخبرت بعض أشكال الديموقراطية وحرية الصحافة وغيرها من مظاهر المدنية.
****
بيد ان الحال التنويري الجديد لم يستمر بسبب تداعيات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي وأميركا حين قرر الغرب إعادة المنطقة إلى الظلام ثانية، وذلك بتمكين العساكر العرب (السذج) من الحكم وإشغال المنطقة بقضية فلسطين، وبعد هزيمة حرب 1967 راجت فكرة أن الهزيمة كانت عقوبة ربانية لابتعاد الناس عن الدين فكان ذلك بوابة كبرى للمزايدات العقائدية فانتشرت ذهنية التحريم والتواكل وتوابعه بين العرب.
****
تعرضت دول «المركز» التي تقود القاطرة العربية إلى دمار بالغ على يد فتية عسكر أشقياء جاءوا من الريف ليحكموا العواصم والمدائن وهم لا يملكون أدنى خبرات في الحياة، فعمدوا إلى تغبية وتعمية الشوارع عبر تعليم الجهل، ومع انتشار المدارس في بلاد العرب انتشرت العتمة وغاب النور والتنوير، ودخلت المنطقة في متوالية ظلامية جهنمية.
****
زاد الطين بلة مرجعية ذهنية عربية محرومة من شرف الرصانة، ولا تشترط الدقة، وتصدق ان «أعذب الشعر أكذبه»، ذهنية تقبل التلفيق ومأخوذة بالسحر، تقبل حشو «الكلاموجيا» دونما فحص أو تمحيص، ذهنية تدفع ناسها إلى رفع شعارات يجهلونها، ويمشون في مظاهرات ضد أنفسهم، ويعيشون في مجتمعات رخوة هشة تميل حيث الوهم يا سيدي يميل.
www.salahsayer.com
salah_sayer@