صلاح الساير
أطلقت، قبل سنوات، مشروعا أدهش الاصدقاء فتوقعوا نجاحه المبهر لقربه من افكاري وشطحاتي، بيد ان المشروع فشل فشلا ذريعا وكبدني خسائر مالية ثقيلة. فأدركت، ساعتها، ان المشاريع التجارية ينبغي ان تنطلق من رؤية واقعية لتعكس افكار الآخرين (الزبائن) وحاجاتهم، لا افكار صاحب المشروع.
ذكرت مثالا يتعلق بي شخصيا بغرض الاشارة الى مشكلة تكتنف علاقتنا بالآخرين، حيث العديد منا يصورون الآخر او يتخيلونه على شاكلتهم وعلى نفس طباعهم، فالشخص الحالم الرقيق العاطفي الحساس يتعامل مع الآخر على نحو يشبه شخصيته، ويتوهم انه يحمل طباعه، لكنه سرعان ما يصطدم بجلافة الآخر او واقعيته، فيصاب بخيبة الامل.
بعـض الحمقـــى يتقربون منك، باصرار عجيب، وحين يكتشفون انك لا تشاركهم حماقاتهم او سخافاتهم، يبتعدون عنك ويروجون الشائعات عن شخصيتك «المعقدة» فالمشكلة لا تكمن في الحماقة او سواها من طباع، بل تكمن في اوهامنا نحن الذين ننظر الى الاخرين بعيون طباعنا وننسى ان الاخر بالضرورة مختلف عنا، وان النسخ ممكن للاوراق والاشرطة والاسطوانات لكنه، للاسف، غير متوافر للبشر.