التصورات الوطنية المثالية تنطوي على أضرار تفوق الفوائد المرجوة من تلك المثاليات وتصوير الوطنية على أنها الهواء الذي يستنشقه الجميع، وأن المواطنين جميعهم ملائكة. كمثل قولنا عن الغزو العراقي «إن صدام لم يجد كويتيا واحدا يتعاون معه»! وذلك أمر يجافي الحقيقة كما يجافي طبيعة البشر، فالكويتيون أناس يجري عليهم ما يجري على الناس من ضعف وقوة.
***
ليس الكويتيون استثناء عن سائر البشر، ففيهم الأمين المأمون وفيهم اللئيم الزنيم، ومنهم الوفي المخلص ومنهم الجاحد الخوان الخسيس، وكما سائر شعوب الأرض نجد أن الأغلبية الغالبة من المواطنين يخلصون لأوطانهم ويفدونها بأرواحهم. ورغم هذه الأكثرية الإيجابية فإنها لا تمنع ظهور فئات حقيرة ضالة من سائر الشرائح تعرضت أمخاخها للتشويش، فأمسى أفرادها أدوات شر طيعة في قبضة الشيطان يحولهم إلى خناجر تطعن خاصرة الوطن.
***
تقديم الصور الوردية عن الناس والوطن أضحى من الأساليب الإعلامية العتيقة التي ما عادت تتناسب وطبيعة هذا العصر الواضح الصريح. لذلك ينبغي على المنصات الإعلامية الامتناع عن ترويج المثاليات الوطنية التي لا يصدقها أحد. فالكويتيون (بمختلف مشاربهم) بشر يخطئون ويصيبون، أكثرهم أهل خير ووفاء وولاء للوطن، وندرة نادرة منهم يشكلون حفنة شر وفسوق باعوا ضمائرهم للجماعات الإرهابية على اختلاف راياتها، «سوداء» أو «صفراء» أو غيرهما. فقد تعددت الألوان والشر واحد.
www.salahsayer.com
salah_sayer@