ثقافة العشق والغرام لدى العرب تعاني من مازوخية مزمنة، يمكن رصد أعراضها في غير موقع، والمازوخية masochism اضطراب نفسي يجعل الشخص يرغب بالتألم ويشعر باللذة حين يتعرض للعذاب أو الاضطهاد. والاسم منحوت من اسم ليبولد مازوخ الأديب النمساوي الذي «تمكن من النزول إلى منطقة الظلمات حيث تربض الرغبة الشيطانية في إيلام الذات وتعذيبها».
***
نحن نقول «ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب» فالضربات الموجعة التي نتلقاها من الحبيب لذيذة كمثل أكل العنب المجفف! وكلما زاد المحبوب بالقسوة والهجر توهج حبه في قلب المحب أكثر. فالمعشوق البعيد هو المفضل لأنه يعطي العاشق فرصة التلذذ بوجع الفراق والتقلب «على جمر النار والتشرد ويه الأفكار» حسب أغنية الست ام كلثوم التي تدور أغلب أغنياتها حول الهجر و«لقيت روحي في عز جفاك.. أفكر فيك وأنا ناسي»!
***
حين تقترب الدراما العربية من قصص الغرام والحب والهيام تحرص على ضخ كميات كبيرة من العذاب والاسى والدموع واللوعة كي ترضي المشاهدين الذين يرون في تلك العناصر مقومات أساسية للحب الحقيقي أو المثالي. ونماذج التلذذ بالاضطهاد والمهانة في العشق العربي كثيرة. فهذا الشاعر بشارة الخوري يوصي قائلا «واصحبوها لتربتي فعظامي.. تشتهي أن تدوسها قدماها» وشاعر غنائي يتمنى أن يكون حذاء للمحبوب فيقول «يا شبشب الهنا.. يا ليتني كنت أنا».
www.salahsayer.com
salah_sayer@